الإساءة الي القائم ليست أوّل قارورة كسرت في الإسلام

اشارة

الإساءة الي القائم عليه السلام ليست أوّل قارورة كسرت في الإسلام

تأليف: السيّد أحمد الإشكوري

تقديم وتحقيق: مَركَز الدَّراسَاتِ التَّخَصُّصِّيَّة فِي الإِمَامِ المَهدِيّ عَجَّلَ الله تعالَي فَرَجَهُ الشَّريف

النجف الأشرف _ شارع السور _ قرب جبل الحويش

هاتف: 218318 و372011، النقال: 07804754535

ص. ب 588

www.m-mahdi.com

info@m-mahdi.com

****

الإساءة الي القائم

السيّد أحمد الإشكوري

تقديم و تحقيق

مَركَز الدَّراسَاتِ التَّخَصُّصِّيَّة

فِي الإِمَامِ المَهدِيّ عَجَّلَ الله تعالَي فَرَجَهُ الشَّريف

الطبعة الثانية: 1435ه-

رقم الإصدار: 125

العداد:10000 نسخه

جميع الحقوق محفوظة للمركز

ص: 1

اشارة

الإساءة الي القائم عليه السلام

ليست أوّل قارورة كسرت في الإسلام

تأليف: السيّد أحمد الإشكوري

تقديم وتحقيق

جميع الحقوق محفوظة للمركز:

مَركَز الدَّراسَاتِ التَّخَصُّصِّيَّة فِي الإِمَامِ المَهدِيّ عَجَّلَ الله تعالَي فَرَجَهُ الشَّريف

رقم الإصدار: 125

ص: 2

مقدّمة المؤلّف:

بسم الله الرحمن الرحيم

ما زلنا بحاجة إلي بذل الوسع لفهم العقائد الحقّة، ممَّا يستدعي تنوير وإضاءة الموقف علمياً وعملياً، وتحليل الصورة بشكلها الدقيق دفعاً للخرافة والبدعة، واحترازاً عن الجهل والمغالطة، وابتعاداً عن الاستغلال والتلاعب بالعقول، وتخوّفاً من الاختراق وتسييس العقائد، وزجّ الناس في المآرب والمقاصد الذاتية، أو تشويه الصورة فتصير مدعاة للطعن والسخرية.

ومن أخطر الحروب الفكرية وأهمّها فكرة الإمام المهدي (عليه السلام) فقد مرَّت بأطوار شتّي، وعاشت طرفي النقيضين، واستغلت واُسيئ إليها.

ومن هنا لا بدَّ من استمرار الترشيد علي صعيد الجوانح والجوارح، وعلي مستوي العقل والقلب والعمل، لتحيي النفس بتجاذبها مع معاملة الحقيقة.

ولكي نقترب من واقع العقيدة ونستوحي فلسفة الإصلاح العالمي لا بدَّ لنا من التأكيد علي عدَّة عناوين ونتكلَّم عنها علي نحو الإجمال والإشارة، وللتفصيل مجاله الخاصّ.

ص: 3

الضرورة التكوينية لحكم الصالحين:

إنَّ حكم الصالحين قانون تكويني، لأنَّ حكومات الظالمين علي خلاف نواميس الخلقة، والمجتمع البدائي _ وإن كان متقدّماً تكنولوجياً _ إلاَّ أنَّه يحكمه الظلم والظالم. وكلَّما تكامل وسار في طريق العدالة الاجتماعية علي المستوي التنظيري والأيدلوجي اقترب إلي حكومة الصالحين. فهو أمر يقتضيه النهج التكاملي والرقي بالمجتمع تقنيناً.

وبكلمة: بعدما كان هناك خير وكمال، والمجتمع بتكامله ونضجه العلمي والفطري يسير نحو الخير، من هنا لا بدَّ للحركة التكاملية من غاية جمالية يرتسمها ويسير نحوها وفق قوله تعالي: (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَْرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (الأنبياء: 105)، وهذا قانون تكويني قبل أن يكون وعداً إلهياً. وقد ورد في الكتب السماوية كافّة من قبل أنَّ الصالحين سيرثون الأرض ويسكنون فيها، فإنَّ عالم الوجود والخلق محكوم بقانون النظم، ولا مجال للفوضي فيه مطلقاً، ووجود نظام الخلقة سيكون دليلاً علي قبول نظام اجتماعي صحيح في مستقبل عالم الإنسانية، ثمّ إنَّ قوله تعالي: (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِْنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات: 56)، إشارة إلي أنَّ الهدف النهائي هو حكومة عادلة راسخة الأسس ينتشر فيها الحقّ والأمن والاطمئنان، وتكون ذات تحصينات أسسها العبودية إلاَّ أنَّها عبادة لا يحتاج الله إليها. وهدفها تربية البشر وتسامي النفوس. وأن تتلاقح العبودية والربوبية، فهي خالية من شوائب الرذائل والأهواء، ولا يمكن أن تتحقَّق هذه الغاية إلاَّ بتشكيل حكومة

ص: 4

عادلة يقودها الصالحون. لا أنَّ جميع ما في الكون يكون صالحاً، لأنَّ الإنسان خُلق حرّاً ومجال الانحراف فيه موجود.

ومن هنا جاءت فكرة التعايش السلمي في ظلّ الحكومة المنشودة فلأهل الكتاب مكان واسع وحرّية كاملة وعلي جميع الآفاق، ثمّ إنَّ هذه الضرورة التكوينية قد نطقت بها الآثار النقلية أيضاً فقد ورد في رواية جابر، قال: يا رسول الله، وللقائم من ولدك غيبة؟ قال (صلّي الله عليه وآله): «إي وربّي، (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) [آل عمران: 141]»، ثمّ قال (صلّي الله عليه وآله): «يا جابر إنَّ هذا أمر من أمر الله وسرّ من سرّ الله، مطوي عن عباد الله، فإيّاك والشكّ فيه، فإنَّ الشكّ في أمر الله (عزّ وجلّ) كفر»((1)).

وحين نستعرض جملة من الآيات القرآنية مثل قوله تعالي:

(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَي الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) (القصص: 5).

(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (النور: 55).

(وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَْرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (الأنبياء: 105).

(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (الصفّ: 9).

ص: 5


1- كمال الدين: 288/ باب 26/ ح 7.

نجد أنَّ هذه الآيات فيها دلالة واضحة علي أنَّ مصير الكون سيكون بيد الصالحين، وأنَّ حركة المجتمع لا بدَّ أن تصل إلي هدفها وغايتها المرسومة لها. وهي حكومة الصالحين وأن يسود العدل في المجتمع. وأنَّ هذا وعد إلهي وسُنّة كونية وأمر فطري منشود.

وأمَّا الروايات التي رواها السُنّة والشيعة ففيها من الدلالة _ ولو التزاماً _ علي فكرة المنقذ العالمي والمصلح، وإن اختلفت المدارس الدينية في تحديد هويَّته هل هو المسيح أم غيره؟ هل هو موجود أم سيولد؟ هل هو مبهم أم معيَّن؟ وسنكتفي بالإشارة إليه في ضمن الروايات الإسلاميّة، فإنَّه في هذا المضمار يمكن أن يقال:

1 _ البشارة بظهوره، (657) رواية.

2 _ إنَّه من أهل بيت النبيّ الأكرم (صلّي الله عليه وآله)، (389) رواية.

3 _ إنَّه من أولاد الإمام علي (عليه السلام)، (214) رواية.

4 _ إنَّه من أولاد فاطمة الزهراء (عليها السلام)، (192) رواية.

5 _ إنَّه من أولاد الحسين (عليه السلام)، (148) رواية.

6 _ إنَّه من أولاد الإمام زين العابدين (عليه السلام)، (185) رواية.

7 _ إنَّه من أولاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، (146) رواية.

8 _ إنَّه يملؤ الأرض قسطاً وعدلاً، (132) رواية.

9 _ إنَّه له غيبة طويلة، (91) رواية.

10 _ إنَّه يعمّر عمراً طويلاً، (318) رواية.

11 _ الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، (136) رواية.

12 _ الإسلام يعمُّ العالم كلّه بعد ظهوره، (27) رواية.

ص: 6

13 _ الروايات الواردة حول ولادته، (214) رواية.

وبهذا نقول: ليس المهدي تجسيداً لعقيدة إسلاميّة ذات طابع ديني فحسب، بل هو عنوان لطموح اتَّجهت إليه البشرية، وصياغة لإلهام فطري، فالكلّ آمن في وجدانه بهذه الصياغة وهذا الطموح مع تنوّع عقائدهم ووسائلهم إلي الغيب، بل لم يقتصر الشعور بهذا اليوم الغيبي والمستقبل المنتظر علي المؤمنين دينياً بالغيب، بل امتدَّ إلي غيرهم أيضاً، وانعكس حتَّي علي أشدّ الأيدلوجيات بعداً عن ما وراء المادّة كالشيوعية.

ونري الإنسان اليوم قد سحق الفضائل والمنابع المعنوية، وإن كان قد سخَّر البحر والفضاء والصحراء لصالحه. ومن البديهي أنَّه لا يمكن إقرار العدالة بالقوَّة ولا يمكن تضمين سعادة البشرية بالإنجازات العلمية. فلا بدَّ للإنسانية من التحرّك نحو الإيمان والأخلاق لتنجي نفسها من دوامة الخطر بقيادة مصلح عالمي عظيم ذي خصال فريدة قادر علي إدارة هذا المشروع الإلهي. وللقضيّة المهدوية مؤشّرات إيجابية أخري كإعطاء الأمل للمؤمنين وكونه (كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا) (التوبة: 40)، (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ) (النور: 55).

الإمكان والولادة والحياة:

المسلمون بشكل عامّ قد سلَّموا بأصل فكرة الإمام المهدي (عليه السلام) ولو من دون دلالة علي أنَّ هذا الشخص مولود بالفعل، بل يمكن دعوي التواتر علي أصل الفكرة، وممَّن ارتضي ذلك ابن

ص: 7

تيمية((1))، وابن حجر((2))، بل حتَّي عبد العزيز بن باز((3))، بل قد روي عشرون راوياً عن النبيّ (صلّي الله عليه وآله) ذلك كعثمان بن عفّان، وعلي ابن أبي طالب (عليه السلام)، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، وقرّة بن إياس، وعبد الله بن الحارث، وأبو هريرة، وحذيفة بن اليمان، وجابر بن عبد الله، وأبو أمامة، وجابر بن ماجد، وعبد الله بن عمر، وأنس بن مالك، وعمران بن الحصين، واُمّ سَلَمة.

وأمَّا أقوال الصحابة ففي الصحاح والمسانيد والسنن، كسنن أبي داود((4))، وسنن الترمذي((5))، وابن ماجة((6))، والداني((7))، ومسند أحمد((8))، وأبي يعلي((9))، والبزّاز((10))، وصحيح الحاكم((11))، ومعجم الطبراني الكبير((12))، والأوسط((13))، وأبي نعيم في أربعينه((14)

ص: 8


1- راجع: منهاج السُنّة 4: 211.
2- راجع: الصواعق المحرقة: 163/ باب 11/ فصل 1.
3- كما ورد في مجلَّة الجامعة العدد (3) من السنة الأولي (ص 161).
4- راجع: سنن أبي داود 2: 309/ باب كتاب المهدي.
5- راجع: سنن الترمذي 3: 343/ باب ما جاء في المهدي.
6- راجع: سنن ابن ماجة 2: 1377/ باب خروج المهدي.
7- راجع: مسند الداني:82 و83 .
8- راجع: مسند أحمد 1: 84، و3: 21 و27 و37 و52، و5: 227.
9- راجع: مسند أبي يعلي 1: 359.
10- راجع: مسند البزّاز 1: 281.
11- راجع: مستدرك الحاكم 4: 464 و502 و514 و554 و557 - 558.
12- راجع: المعجم الكبير للطبراني 18: 51، 23: 267.
13- راجع: المعجم الأوسط للطبراني 1: 56، 4: 256، 5: 311، 6: 328.
14- جمع فيه أربعون حديثاً في المهدي رواها عن الصحابة عن رسول الله (صلّي الله عليه وآله).

والخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد)((1))، وابن عساكر في (تاريخ دمشق)((2))، وغيرها.

وقد وضعت رسائل في ذلك منها: رسالة أبي نعيم في: (أخبار المهدي)، وابن حجر الهيثمي في: (القول المختصر في علامات المهدي المنتظر)، والشوكاني في: (التوضيح)، وإدريس العراقي في: (كتاب المهدي).

والمنكر يعدُّ شاذّاً من قبيل (ابن خلدون) في تاريخه بانياً علي نظريَّته في علم الاجتماع مع كونه معترفاً لبعض الآثار، وأبي زهرة في كتابه (الإمام الصادق)، ومحمّد رشيد رضا في تفسيره (المنار).

بل قد اُلّفت كتب للردّ علي ابن خلدون، كأبي العبّاس بن عبد المؤمن المغربي في كتابه: (الوهم المكنون في الردّ علي ابن خلدون)، وهكذا أحمد حمد صدّيق في: (إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون)، بل قال بعض أهل السُنّة ردّاً لمزعمة ابن خلدون:

(إنَّ المشكلة ليست مشكلة حديث أو حديثين أو رواية أو روايتين، إنَّها مجموعة من الأحاديث والآثار تبلغ الثمانين تقريباً اجتمع علي تناقلها مئات الرواة وأكثر من صاحب كتاب صحيح.

ص: 9


1- راجع: تاريخ بغداد 5: 153.
2- راجع: تاريخ مدينة دمشق 1: 185، 2: 216 و217.

فلماذا نردّ كلّ هذه الكمّية؟! أكلّها فاسدة؟ لو صحَّ هذا الحكم لانهار الدين، ثمّ إنّي لا أجد خلافاً حول ظهور المهدي أو حول حاجة العالم إليه، وإنَّما الخلاف حول من هو؟ حسني أو حسيني؟ سيكون في آخر الزمان أو موجود الآن؟ ولا عبرة بالمدَّعين الكاذبين؟ فليس لهم اعتبار، وإذا نظرنا إلي ظهور المهدي نظرة مجرَّدة فإنَّنا لا نجد حرجاً من قبولها وتصديقها، أو علي الأقلّ عدم رفضها).

ناهيك عن الآيات القرآنية الدالّة علي المهدي كشواهد التنزيل للحسكاني حنفي، وإلزام الناصب للحائري اليزدي.

أمَّا ولادته فيمكن اتّباعها عن طريق:

الأوّل: حديث الثقلين المتواتر والمشهور بين العامّة والخاصّة، أنَّ النبيّ (صلّي الله عليه وآله) قال: «إنّي تارك فيكم الثقلين، ما إن تمسَّكتم بهما لن تضلّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنَّهما لن يفترقا حتَّي يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما»((1)).

لأنَّه يدلُّ علي أنَّ العترة الطاهرة مستمرّة مع الكتاب، وهذا الاستمرار لا يمكن تصوّره إلاَّ بافتراض أنَّ الإمام موجود.

ص: 10


1- رواه الخاصّة والعامّة بألفاظ مختلفة متَّحدة المعني، راجع: أمالي الصدوق 616/ ح 843/1)؛ عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 1: 34/ ح 40؛ تحف العقول: 426؛ دلائل الإمامة: 20/ ح 1؛ الإرشاد 1: 233؛ سنن الترمذي 5: 329/ ح 3876؛ فضائل الصحابة للنسائي: 15؛ مستدرك الحاكم 3: 109؛ المعجم الكبير للطبراني 3: 66/ ح 2679؛ كنز العمّال 1: 173/ ح 873؛ وغيرها من المصادر.

الثاني: حديث الاثني عشر خليفة المتَّفق عليه((1)).

الثالث: حديث «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية»، كما رواه الطبرسي في (إعلام الوري) وغيره((2)): عن محمّد بن عثمان العمري، عن أبيه، عن أبي محمّد الحسن بن علي (عليه السلام) في الخبر الذي روي عن آبائه (عليهم السلام) أنَّ الأرض لا تخلو من حجّة لله علي خلقه إلي يوم القيامة، وأنَّ من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، فقال (عليه السلام): «إنَّ هذا حقّ كما أنَّ النهار حقّ»، فقيل: يا ابن رسول الله، فمن الحجّة والإمام بعدك؟ فقال

ص: 11


1- قد ورد ذكر خلفاء رسول الله (صلّي الله عليه وآله) وأنَّهم اثنا عشر في عدَّة روايات، منها: عن ثابت بن دينار، عن سيّد العابدين علي بن الحسين، عن سيّد الشهداء الحسين بن علي، عن سيّد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلّي الله عليه وآله): «الأئمّة من بعدي اثنا عشر، أوّلهم أنت يا علي، وآخرهم القائم الذي يفتح الله تعالي ذكره علي يديه مشارق الأرض ومغاربها». (أمالي الصدوق: 172 و173/ ح 175/11؛ ينابيع المودَّة 3: 395/ ح 46). ومنها: عن عامر، قال: قال رسول الله (صلّي الله عليه وآله): «لا يزال أمر أمّتي ظاهراً حتَّي يمضي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش». (أمالي الصدوق: 388/ ح 500/9؛ صحيح مسلم 6: 3). ومنها: عن جابر بن سمرة، قال: كنت مع أبي عند رسول الله (صلّي الله عليه وآله)، فسمعته يقول: «يكون بعدي اثنا عشر أميراً»، ثمّ أخفي صوته، فقلت لأبي: ما الذي أخفي رسول الله (صلّي الله عليه وآله)؟ قال: قال: «كلّهم من قريش». (أمالي الصدوق: 387/ ح 499/8؛ مسند أحمد 5: 87؛ صحيح البخاري 8 : 127). ومنها: عن ابن مسعود، عن النبيّ (صلّي الله عليه وآله)، قال: «الخلفاء بعدي اثنا عشر كعدَّة نقباء بني إسرائيل». (أمالي الصدوق: 387/ ح 498/7؛ مسند أحمد 1: 398).
2- إعلام الوري 2: 253؛ كمال الدين: 409/ ح 9.

(عليه السلام): «ابني محمّد هو الإمام والحجّة بعدي، من مات ولم يعرفه مات ميتة جاهلية».

وهو يدلُّ علي ولادة الإمام (عليه السلام)، فالرواية مطلقة ولسانها عامّ شامل لكلّ الأفراد في جميع الأزمنة، وتدلُّ علي أنَّ الإمام موجود في كلّ عصر وزمان. والحديث قد ثبتت صحَّته من كتب العامّة والخاصّة((1)).

الرابع: أخبر النبيّ (صلّي الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السلام) بولادة الإمام المهدي (عليه السلام) ورؤية بعض الشيعة للإمام، والذي يقرأ التاريخ ويقرأ الروايات يفهم أنَّ الشيعة من الزمان الأوّل كانوا يتداولون فكرة الإمام (عليه السلام) وأنَّه يغيب، وقضيّة السفراء وخروج التوقيعات بواسطتهم((2)).

الخامس: أمّة كاملة عاشت تجربة طولها سبعين عاماً هي تجربة النوّاب الأربعة وهذه التجربة تمتاز بوحدة فكر، وحدة خطاب، وحدة انقياد، وحدة تسليم لاسيّما من العلماء الذي شأنهم التشكيك فقد وقفوا خاضعين أمام هذه التجربة ولم يكذّبوها ولا شكَّكوا فيها، ولمزيد من الوجوه لإثبات الولادة نحيل القارئ إلي

ص: 12


1- فقد رواه الخاصّة والعامّة بألفاظ مختلفة، راجع: المحاسن للبرقي 1: 92/ ح 46؛ بصائر الدرجات: 279/ باب 16/ ح 5؛ قرب الإسناد: 351؛ الإمامة والتبصرة: 63/ ح 50؛ الكافي 1: 377/ باب فيمن عرف الحقّ من أهل البيت ومن أنكر/ ح 3؛ مسند أحمد 4: 96؛ سنن البيهقي 8 : 156؛ مسند أبي داود الطيالسي: 259؛ صحيح ابن حبّان 10: 434؛ المعجم الكبير للطبراني 19: 388؛ وغيرها من المصادر.
2- راجع: دفاع عن الكافي 1: 9.

المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي (عليه السلام) مكتفياً بالعناوين: المهدي التاسع من صلب الحسين، وتحديده بالأسماء والعدد والصفات والشخص، وبشائر الإمام العسكري بولادة المهدي، وتعمّده تكثير العقيقة عن ابنه، وشهادة القابلة واُمّ الإمام، وهجوم السلطة علي دار العسكري بعد وفاته.

وليس تعميره (عليه السلام) أمراً لم يحصل لغيره من الأنام حتَّي تنكره الأفهام أو يعترض فيه الشكّ والأوهام، وأنَّ السؤال عن إمكان طول العمر يعرب عن عدم التعرّف علي سعة قدرة الله سبحانه، (وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (الأنعام: 91)، فإذا كانت حياته وغيبته برعاية الله فما المشكلة في امتداد عمره؟ وبكلمة: إنَّ الحياة الطويلة إمَّا ممكنة في حدّ ذاتها، أو ممتنعة، والثاني لم يقل به أحد حتَّي الحسّيين، فتعيَّن الأوّل، (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلي يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (الصافّات: 143 و144).

وقد حصل للأنبياء والأولياء والأشقياء ولكثير من الأمم كتعمير نوح (عليه السلام): (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عاماً...) (العنكبوت: 14)، وكعمر آدم أبي البشر (930) سنة، وعاش إبراهيم (170) سنة، وإسماعيل (120) سنة، وكذا موسي وهارون (130) سنة، وسليمان (712) سنة، ومن المعمّرين الدجّال علي ما قيل، والخضر((1)).

ص: 13


1- راجع: منتخب الأنوار المضيئة: 85 ؛ وأفرد المجلسي (رحمه الله) في البحار (ج 51/ ص 225) باباً للمعمّرين، وألَّف كلّ من أبي حاتم السجستاني والعلاَّمة الكراجكي رسالة خاصّة باسم: (كتاب المعمّرون).

بل هناك مجموعة من المشتركات بين ظاهرة الإمام والأنبياء في القرآن منها استتار الولادة كموسي، ومنها طول عمره كنوح والخضر، ومنها الاختلاف في بقاءه كعيسي، ومنها إمامته المبكرة كيحيي، ومنها الغيبة كالخضر وذي القرنين، ومنها عموم ملكه كداود وذي القرنين وسليمان بناءاً علي كون ذي القرنين نبيّاً.

فائدة الإمام مع الغيبة:

الهدف من تعيين الإمام لا ينحصر في إدارة الأمور السياسية في المجتمع، والحفظ الظاهري للدين وتبيين أحكام الشريعة بالمباشرة فقط، بل هو مضافاً إلي ذلك واسطة الفيض واللطف الإلهي، وهو العلَّة الغائية العظمي في نظام الكون، وقد ورد في الأخبار: «لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت»((1))، وقد ورد في التوقيع الصادر منه (عليه السلام): «وإنّي لأمان لأهل الأرض كما أنَّ النجوم أمان لأهل السماء...»((2)).

والمستفاد من الأخبار أنَّه (عليه السلام) نور الوجود والهداية وهو العلَّة الغائية لإيجاد الخلق، وبه تكشف البلايا عنهم، فلولاه لاستحقَّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب، (وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) (الأنفال: 33).

وقال الطوسي: (وجوده لطف)، فإيصال العباد إلي

ص: 14


1- الكافي 1: 179/ باب أنَّ الأرض لا تخلو من حجّة/ ح 10.
2- كمال الدين: 485/ باب 45/ ح 4.

المطلوب والغاية التي عيّنت لهم في علم الله تعالي وهي الهداية والولاية التكوينية بإذن الله تعالي، بل قال: (وجوده لطف وتصرّفه لطف آخر، وعدمه منّا)((1)).

وعليه فإنَّ ظهوره وإن كان لطفاً، ولكن الغاية التي من أجلها وجد أيضاً ضرورية، ولم يفترض في صاحب الزمان إقامة الحكومة بنحو الإعجاز وإنَّما لا بدَّ من تكوينها علي يده وفقاً لسير الأحداث بشكلها الطبيعي.

وكيفما كان إنَّ عدم علمنا بفائدة وجوده في زمان غيبته لا يدلُّ علي انتفائها.

علي أنَّ الغيبة لا تلازم عدم التصرّف في الأمر مطلقاً، بل قد دلَّت الروايات علي وجه الانتفاع في غيبته: «أمَّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيَّبتها عن الأبصار السحاب»((2)).

وقد ورد قوله (عليه السلام): «وبي يدفع الله (عزّ وجلّ) البلاء عن أهلي وشيعتي»((3)).

وقوله: «إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء»((4)).

ص: 15


1- تجريد الاعتقاد: 285.
2- كمال الدين: 485/ باب 45/ ح 4.
3- كمال الدين: 441/ باب 43/ ح 12.
4- المزار للمفيد: 8؛ الاحتجاج 2: 323.

مقامه (عليه السلام):

أمَّا مقامه فيمكن وبنحو الاختصار الإشارة إليه:

1 _ المسيح (عليه السلام) يقتدي به في الصلاة:

في الحديث عن النبيّ (صلّي الله عليه وآله) أنَّه قال: «ينزل عيسي بن مريم فيقول أميرهم _ يعني القائم (عليه السلام) _: تعال صلّ بنا، فيقول: لا، إنَّ بعضكم علي بعض أمراء تكرمة من الله لهذه الأمّة»((1)).

وفي حديث آخر: «كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم _ يعني به المهدي (عليه السلام)_»((2))، وعليه اتَّفق العامّة والخاصّة، مع الالتفات إلي قضيّة إمامة الجماعة بناءً علي أنَّ بيان الرواية لهذه الواقعة لها مدلول آخر، وهو أنَّ النبيّ يصلّي خلفه، فليست الرواية في صدد الإخبار عن واقعة ستتحقَّق من دون أن يكون لها مدلول التزامي، بل هي في صدد بيان أنَّ النبيّ يصلّي خلفه، ممَّا يعني أنَّ الإمام هو الأفضل، خصوصاً إذا علمنا أنَّها تكون للأفضل، وعيسي (عليه السلام) كما هو معلوم من أولي العزم من الرسل.

2 _ تمنّي بعض الأنبياء مقام ومنزلة المهدي، أو أن يكون هو أو من ذرّيته.

ص: 16


1- تفسير مجمع البيان 9: 91؛ صحيح مسلم 1: 95.
2- رواه الخاصّة والعامّة بألفاظ مختلفة متَّحدة المعني، راجع: العمدة لابن بطريق: 431/ ح 903؛ الصراط المستقيم 2: 222؛ تفسير مجمع البيان 9: 91؛ بحار الأنوار 51: 301؛ مسند أحمد 2: 336؛ صحيح البخاري 4: 143؛ صحيح مسلم 1: 94؛ صحيح ابن حبّان 15: 213؛ المعجم الأوسط للطبراني 9: 86؛ وغيرها من المصادر.

في الرواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: «نظر موسي بن عمران في السفر الأوّل إلي ما يُعطي قائم آل محمّد من التمكين والفضل، فقال موسي: ربّ اجعلني قائم آل محمّد، فقيل له: إنَّ ذاك من ذرّية أحمد، ثمّ نظر في السفر الثاني فوجد فيه مثل ذلك، فقال مثله، فقيل له مثل ذلك، ثمّ نظر في السفر الثالث فرأي مثله، فقال مثله، فقيل له مثله»((1)).

وفي البحار: (أوحي الله تعالي إلي موسي (عليه السلام): إنَّ أمّة محمّد (صلّي الله عليه وآله) ستصيبهم فتنة عظيمة من بعد أحمد حتَّي يعبد بعضهم بعضاً ويبرأ بعضهم من بعض، حتَّي يصيبهم النكال، وحتَّي يجحدوا ما أمرهم به نبيّهم، ثمّ يصلح الله أمرهم برجل من ذرّية أحمد، فقال موسي: يا ربّ اجعله من ذرّيتي، فقال: يا موسي إنَّه من ذرّية أحمد وعترته، أصلح به أمر الناس، وهو المهدي)((2)).

3 _ الإمام خليفة الله في أرضه:

«يخرج المهدي وعلي رأسه غمامة فيها منادٍ ينادي: هذا المهدي خليفة الله فاتَّبعوه»((3)).

فإنَّ الخلافة من المفاهيم الإضافية المتقوّمة بالخليفة والمستخلف عنه. فلا محالة تختلف شؤون الخلافة ومرتبة الخليفة باختلاف مقام من يستخلف عنه، فإذا كان المستخلف

ص: 17


1- الغيبة للنعماني: 246 و247/ باب 13/ ح 34.
2- بحار الأنوار 36: 370.
3- كشف الغمّة 3: 270/ ح 16؛ بحار الأنوار 51: 81/ ح 37.

عنه كلّ كمال بما لا يتناهي وهو الذي ليس لعظمته حدّ محدود فيكون الذي استخلفه الله لنفسه وأقامه مقامه وأنابه منابه أعلي شأناً وأجلُّ قدراً من أن تنال العقول منزلته. ومقتضي إضافة الخليفة إلي اسم الله كونه (عليه السلام) آية لجميع أسماء الله الحسني. باعتبار أنَّ اسم الله موضع لجميع أسماء الله الحسني.

4 _ مقامه يعلم من مقام أصحابه، وقد ورد الأثر في بيان صفات ومقام أصحابه: عن المفضَّل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لقد نزلت هذه الآية في المفتقدين [عن فرشهم] من أصحاب القائم (عليه السلام): (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً) [البقرة: 148]، إنَّهم ليفتقدون عن فرشهم ليلاً فيصبحون بمكّة، وبعضهم يسير في السحاب يعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه»، قال: قلت: جُعلت فداك أيّهم أعظم إيماناً؟ قال: «الذي يسير في السحاب نهاراً»((1)).

وعن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «كأنّي بأصحاب القائم (عليه السلام) وقد أحاطوا بما بين الخافقين، فليس من شيء إلاَّ وهو مطيع لهم حتَّي سباع الأرض وسباع الطير، يطلب رضاهم في كلّ شيء، حتَّي تفخر الأرض علي الأرض وتقول: مرَّ بي اليوم رجل من أصحاب القائم (عليه السلام)»((2)).

ص: 18


1- كمال الدين: 672/ ح 24.
2- كمال الدين: 673/ ح 25.

وعن عبد الملك بن أعين، قال: قمت من عند أبي جعفر (عليه السلام) فاعتمدت علي يدي فبكيت، فقال: «ما لك؟» فقلت: كنت أرجو أن أدرك هذا الأمر وبي قوَّة، فقال: «أمَا ترضون أنَّ عدوَّكم يقتل بعضهم بعضاً وأنتم آمنون في بيوتكم. إنَّه لو قد كان ذلك اُعطي الرجل منكم قوَّة أربعين رجلاً وجُعلت قلوبكم كزبر الحديد، لو قذف بها الجبال لقلعتها، وكنتم قوّام الأرض وخزّانها»((1)).

وفي رواية عن الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام)، قال: «إذا قام قائمنا أذهب الله (عزّ وجلّ) عن شيعتنا العاهة، وجعل قلوبهم كزبر الحديد، وجعل قوَّة الرجل منهم قوَّة أربعين رجلاً، ويكونون حكّام الأرض وسنامها»((2)).

5 _ أهل الكهف والخضر وإلياس من أصحاب المهدي (عليه السلام):

عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله (صلّي الله عليه وآله): «أصحاب الكهف أعوان المهدي»((3)).

وفي رواية: أنَّ الخضر في البحر وإلياس في البرّ، يجتمعان كلّ ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج، ويحجّان ويعتمران كلّ عام، ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلي قابل)((4))، طعامهما ذلك.

ص: 19


1- الكافي 8 : 294/ ح 449.
2- الخصال: 541/ ح 14.
3- الدرّ المنثور 4: 215.
4- الجامع الصغير للسيوطي 1: 636/ ح 4133.

6 _ إنَّه (عليه السلام) محدَّث تحدّثه الملائكة((1))، وإنَّ الله قد أخَذَ الميثاق من الخلق له (عليه السلام)((2))، وإنَّه (عليه السلام) ترافقه غمامة تظلّه وفيها ملك((3))، وإنَّ معجزات الأنبياء تظهر علي يده((4)).

الإمامة في السنّ المبكر:

أمَّا مسألة السنّ المبكر فقد نصَّ القرآن علي ثبوت النبوّة للسنّ المبكر، قال تعالي: (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (مريم: 12)، وقد سبق كلّ من الإمام الجواد والهادي (عليه السلام) ذلك، فالجواد (عليه السلام) بين الثمانية والسبعة، والهادي (عليه السلام) في السادسة أو الثامنة، وأمَّا الإمام المهدي (عليه السلام) ففي سنّ الخامسة نال درجة الإمامة.

الغيبتان وخصائصهما:

بداية الغيبة الصغري من مولده، بعدما كان المقصود من الغيبة هو غيبة الهويّة، وأنَّ الإمام (عليه السلام) من حين الولادة قد غيّبت هويَّته، لا من ابتداء إمامته إلي حين وفاة السفير الأخير، وأمَّا الكبري فبعد الأولي إلي ظهوره.

أمَّا وجه الغيبة التي هي سُنّة الأنبياء، فقد روي زرارة، قال: سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: «إنَّ للقائم غيبة قبل ظهوره»،

ص: 20


1- راجع: بصائر الدرجات: 339 - 341/ باب 5/ ح 1 - 8 .
2- راجع: بصائر الدرجات: 45/ باب 11/ ح 20.
3- راجع: تاريخ مواليد الأئمّة لابن الخشّاب البغدادي: 45.
4- راجع: إلزام الناصب 2: 260.

قال: قلت: ولِمَ؟ قال: «يخاف _ وأومأ بيده إلي بطنه _»، قال زرارة: يعني القتل((1)).

وفي رواية أخري عن أبي عبد الله (عليه السلام): «يخاف علي نفسه الذبح»((2)).

وعن إبراهيم بن عمر اليماني، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبتين»، وسمعته يقول: «لا يقوم القائم ولأحد في عنقه بيعة»((3)).

وعن الصادق (عليه السلام): «للقائم غيبتان: إحداهما قصيرة، والأخري طويلة، الغيبة الأولي لا يعلم بمكانه فيها إلاَّ خاصّة شيعته، والأخري لا يعلم بمكانه فيها إلاَّ خاصّة مواليه في دينه»((4)).

وعن مفضَّل بن عمر، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لصاحب هذا الأمر غيبتان: إحداهما يرجع منها إلي أهله، والأخري يقال: هلك، في أيّ وادٍ سلك؟»، قلت: كيف نصنع إذا كان كذلك؟ قال: «إذا ادّعاها مدَّع فاسألوه عن أشياء يجيب فيها مثله»((5)).

وفي خبر عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: «إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبتين، إحداهما تطول حتَّي يقول بعضهم: مات،

ص: 21


1- كمال الدين: 481/ باب 44/ ح 9.
2- كمال الدين: 481/ باب 44/ ح 10.
3- الغيبة للنعماني: 176/ باب 10/ فصل 4/ ح 3.
4- الغيبة للنعماني: 175/ باب 10/ فصل 4/ ح 2.
5- الكافي 1: 340/ باب في الغيبة/ ح 20.

وبعضهم يقول: قُتِلَ، وبعضهم يقول: ذهب، فلا يبقي علي أمره من أصحابه إلاَّ نفر يسير، لا يطَّلع علي موضعه أحد من وليّ ولا غيره إلاَّ المولي الذي يلي أمره»((1)).

ونشير إلي فوائد من هذه الأحاديث:

1 _ كلّ ما ورد من الرسول (صلّي الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السلام) في هذا المورد عبارة عن عملية تعبئة نفسية للأمّة الإسلاميّة.

2 _ المراد من الرجوع إلي أهله، أي: النوّاب الأربعة.

3 _ غيبتان: ليس الفارق بين الغيبتين بلحاظ الإمام، أي: إنَّه غاب، ثمّ ظهر، ثمّ غاب، بل لم يظهر الإمام في كلتا الغيبتين وفي تمام الفترتين، وهكذا الفاصل بين الفترتين، كما ليس المراد بلحاظ قصر الزمان وطوله، بل المراد طبيعة ارتباط الإمام مع الشيعة. ففي الصغري عن طريق السفراء الأربعة، أمَّا في الكبري لم يكن هناك سفراء، فكان الاتّصال بالإمام في أيّام الغيبة الصغري متيسّراً بنوع ما حتَّي لغير نوّابه الخاصّين، بخلاف الغيبة الكبري فهي غير متيسّرة، ولعلَّ الغيبة الصغري وقعت علي ما لها من نوع ارتباط خاصّ بين نوّابه الخاصّين وبين الشيعة تمهيداً لوقوع الغيبة الكبري، مضافاً إلي أنَّ فائدة الغيبة الصغري إحراز وجود الإمام وتولّده.

قال المفكّر الشهيد محمّد باقر الصدر (قدّس سرّه): (لوحظ أنَّ هذه الغيبة إذا جاءت مفاجئة حقَّقت صدمة كبيرة للقواعد الشعبية للإمامة في الأمّة الإسلاميّة، لأنَّ هذه القواعد كانت معتادة علي

ص: 22


1- الغيبة للنعماني: 176/ باب 10/ فصل 4/ ح 5.

الاتّصال بالإمام في كلّ عصر، والتفاعل معه والرجوع إليه في حلّ المشاكل المتنوّعة. فإذا غاب الإمام عن شيعته فجأة وشعروا بالانقطاع عن قيادتهم الروحية والفكرية، سبَّب هذه الغيبة المفاجئة الإحساس بفراغ دفعي هائل قد يعصف بالكيان كلّه ويشتّت شمله، فكان لا بدَّ من تمهيد لهذه الغيبة لكي تألفها هذه القواعد بالتدريج، وتكيّف نفسها شيئاً فشيئاً علي أساسها، وكان هذا التمهيد هو الغيبة الصغري...)((1)).

فتخلَّص أنَّ أسباب الغيبة: الخوف عليه، والامتحان والاختبار، وعدم بيعته للظالم.

ففي البحار: عن زرارة بن أعين، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) يقول: «إنَّ للغلام غيبة قبل أن يقوم»، قلت: ولِمَ ذاك؟ قال: «يخاف _ وأشار بيده إلي بطنه وعنقه _»، ثمّ قال: «وهو المنتظر الذي يشكُّ الناس في ولادته، فمنهم من يقول: إذا مات أبوه مات ولا عقب له، ومنهم من يقول: قد وُلِد قبل وفاة أبيه بسنتين، لأنَّ الله (عزّ وجلّ) يجب أن يمتحن خلقه، فعند ذلك يرتاب المبطلون»((2)).

الغيبة من أسرار الله (عزّ وجلّ):

عن عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) يقول: «إنَّ لصاحب هذا الأمر غيبة لا بدَّ منها، يرتاب فيها

ص: 23


1- البحث حول المهدي: 108.
2- بحار الأنوار 52: 95/ ح 10، عن كمال الدين: 342/ باب 33/ ح 24.

كلّ مبطل». فقلت: ولِمَ جُعلت فداك؟ قال: «لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم». قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟ فقال: «وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدَّم من حجج الله تعالي ذكره، إنَّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلاَّ بعد ظهوره، كما لم ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر (عليه السلام) من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسي (عليه السلام) إلاَّ وقت افتراقهما...» الخبر((1)).

خصائص الغيبة الصغري:

أ _ ظاهرة النوّاب الأربعة المعروفين للشيعة.

ب _ التوقيعات الصادرة منه، وكان خطّه في الكتابة معروفاً مع اختلاف النوّاب وأذواقهم، فإنَّ الخطّ جاء علي نسق واحد وبأسلوب خاصّ، عند ملاحظة المجموع يُذعن الخبير كونه صادراً من شخص واحد.

ج- _ كثير من التوقيعات مقروناً بالإعجاز والإخبار عن المغيّبات يصدّق بها صدورها عنه (عليه السلام)، (يبلغ عدد الأخبار سبعة وخمسين خبراً)((2)).

د _ ما صدر من النوّاب لم يكن عن اجتهاد، وإنَّما كانوا وسائط عن الإمام (عليه السلام) فقط.

ص: 24


1- كمال الدين: 482/ باب 45/ ح 11.
2- راجع: تنزيه الشيعة الاثني عشرية عن الشبهات الواهية لأبي طالب التجليل التبريزي 2: 482.

خصائص الغيبة الكبري:

قال الصدوق بسنده: كنت بمدينة السلام في السنة التي توفّي فيها الشيخ علي بن محمّد السمري (قدَّس الله روحه)، فحضرته قبل وفاته بأيّام، فأخرج إلي الناس توقيعاً نسخته:

«بسم الله الرحمن الرحيم، يا علي بن محمّد السمري، أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنَّك ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام، فاجمع أمرك، ولا توص إلي أحد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة الثانية، فلا ظهور إلاَّ بعد إذن الله (عزّ وجلّ)، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي شيعتي من يدَّعي المشاهدة، ألا فمن ادَّعي المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذبٍ مفتر، ولا حول ولا قوَّة إلاًّ بالله العلي العظيم»((1)).

والمقصود من قوله (عليه السلام): «وسيأتي شيعتي من يدَّعي المشاهدة» بقرينة الصدر: أنَّ المراد بدعوي المشاهدة هي المشاهدة علي نحو ما وقع للسفراء الأربعة، وبهذا الوجه ونحوه كما سيأتي لا تنافي بين هذا التوقيع وبين الوقائع الكثيرة المذكورة في كتب عديدة كالبحار والنجم الثاقب ودار السلام للعراقي وغيرها الدالّة علي وقوع المشاهدة في زمان الغيبة الكبري لكثير من المؤمنين الذين فازوا بشرف لقائه (عليه السلام).

وممَّا يدلُّ علي انقطاع النيابة الخاصّة في الغيبة الثانية أنَّ

ص: 25


1- كمال الدين: 516/ باب 45/ ح 44.

هذه المسألة عامّة البلوي، ولم ينقل أحد من علمائنا من زمان الأئمّة (عليهم السلام) إلي زماننا بخبر واحد يدلُّ تصريحاً أو تلويحاً أو إشعاراً علي وقوع النيابة الخاصّة في الغيبة الكبري، مع دقَّة العلماء وكثرة التتبّع واهتمامهم بنقل الأحاديث وتدوينها وروايتها، حتَّي ضبطوا الأخبار المشتملة علي المطالب الجزئية، فعليه فإنَّ من ضروريات مذهب الإمامية كذب مدَّعي النيابة الخاصّة.

فتلخَّص: أنَّ المعتمد في زمن الغيبة هم العلماء العاملون الحافظون لحدود الله كما في التوقيع الصادر وغيره: «أمَّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلي رواة حديثنا»((1)).

حقيقة الغيبة:

المستفاد من الأدلَّة أنَّ الإمام ليس له غيبة بنحو غياب الشخص، أي: ليس لا بدَّ له أن يعيش بمعزل عن البشر، وأنَّه ممنوع الرؤيا، وأنَّ نمط حياته يختلف عن سائر البشر، بل الظاهر أنَّ الإمام بشخصه موجود في المجتمع، ويحضر المجالس، ونذكر هنا روايتين:

1 _ عن سدير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إنَّ في القائم سُنّة من يوسف»، قلت: كأنَّك تذكر خبره أو غيبته؟ فقال لي: «وما تنكر من ذلك هذه الأمّة أشباه الخنازير، إنَّ إخوة يوسف كانوا أسباطاً أولاد أنبياء، تاجروا يوسف وبايعوه وهم إخوته وهو أخوهم، فلم يعرفوه حتَّي قال لهم: (أَنَا يُوسُفُ وَهذا

ص: 26


1- كمال الدين: 484/ باب 45/ ح 4؛ الغيبة للطوسي: 291/ ح 247.

أَخِي)، فما تنكر هذه الأمّة أن يكون الله (عزّ وجلّ) في وقت من الأوقات يريد أن يستر حجَّته عنهم، لقد كان يوسف يوماً ملك مصر، وكان بينه وبين ولده مسيرة ثمانية عشر يوماً، فلو أراد الله تبارك وتعالي أن يعرّفه مكانه لقدر علي ذلك، والله لقد سار يعقوب وولده عند البشارة في تسعة أيّام إلي مصر، فما تنكر هذه الأمّة أن يكون الله (عزّ وجلّ) يفعل بحجَّته ما فعل بيوسف أن يكون يسير فيما بينهم ويمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه، حتَّي يأذن الله (عزّ وجلّ) له أن يعرّفهم نفسه كما أذن ليوسف (عليه السلام) حين قال لهم: (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ * قالُوا أَإِنَّكَ لأََنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي) [يوسف: 89 و90]»((1)).

2 _ قوله (عليه السلام): «يفقد الناس إمامهم، يشهد الموسم فيراهم ولا يرونه»((2)).

وعليه فالمراد من الغيبة هو غياب الهويّة، أي لا يعلمون أنَّه هو المهدي مع أنَّه موجود بينهم.

ويبقي السؤال: هل هو متزوّج أم لا؟ وهل له ذرّية أم لا؟

إنَّه وإن ورد في بعض الأخبار والأدعية ما ربَّما يستفاد منه الزواج وله ذرّية، لكن بعد الإغماض عن سندها ليس في هذه الآثار ما يظهر منها أنَّ لهذه الذرّية مزيّة تؤثّر في المسار العامّ

ص: 27


1- كمال الدين: 144 و145/ باب 5/ ح 11.
2- الكافي 1: 337 و338/ باب في الغيبة/ ح 6.

الشيعي، نعم قد يتصيَّد البعض نحو تكريم لهذه الذرّية وسعي في تطبيقها علي الخارج، إلاَّ أنَّ هذا منافٍ لما هو المتَّفق عليه عند علمائنا من سدّ باب النيابة والوكالة الخاصّة والارتباط الخاصّ به، مضافاً إلي انحراف ظاهرة التطبيق.

علامات الظهور:

الظاهر أنَّ المقصود من العلامات المذكورة في الروايات الإشارة إلي حتمية وجود الإمام، ولابدّية خروجه، وبيان أهداف نهضته، وإفلاس المدارس الفكرية عن تحقيق الأهداف المنشودة، والتأكيد علي فكرة الانتظار، فهو مستحبّ نفسي لا غيري؛ وذلك لما ورد من إمكان نسخ جل هذه العلامات، وأنَّ هذه العلامات لم تتحقَّق دفعة واحدة، بل بعضها تحقَّق في زماننا، فيلزم لغوية العلامة في زماننا، فلا ينبغي حصر العلامة بفائدة واحدة، إذ مع الانحصار عند تحقّق العلامة تفقد الأثر من حيث هي علامة ذا أثر منحصر((1))، إذن لو كان للعلامة أكثر من فائدة _ كما هو التحقيق _ فحتَّي مع تحقّقها تبقي ذات فائدة.

بل لنا أن نقول: إنَّ هذه العلامات فيها من السعة والكلّية حتَّي يمكن تطبيق بعضها في جميع الأزمنة لتحصيل الهدف، وهو الخوف والرجاء، وللتنظير الاستعانة بالعلامات القرآنية المحدّثة

ص: 28


1- كأن يكون فيها دلالة علي الغيب فقط، بينما نريد أن تبقي محافظة علي دلالتها علي الظهور، وهي باقية حتَّي مع حدوثها، بل هي آكدة في هذا المقصود.

عن قيام الساعة (راجع سورة التكوير والانفطار)، فإنَّه لا يتعقَّل لها أثر، العلاقة الموضوعية إنَّما هي للتنبيه علي قيام الساعة، أو نظير البشائر المذكورة في الكتب السماوية لظهور الخاتم. ولنا أن نشير إلي بعض تلك العلامات:

1 _ انتشار الظلم، وشيوع الجور، وانعدام الأمن والاستقرار، وشيوع الحرب والخسوف والكسوف:

كما يروي أبو سعيدٍ الخدري، عن رسول الله (صلّي الله عليه وآله)، قال: «لا يزال بكم الأمر (الشدّة والضيق) حتَّي يولد في الفتنة والجور من لا يعرف غيرها حتَّي يملأ الأرض جوراً، فلا يقدر أحد يقول: الله، ثمّ يبعث الله (عزّ وجلّ) رجلاً منّي ومن عترتي، فيملأ الأرض عدلاً كما ملأها من كان قبله جوراً، وتُخرج له الأرض أفلاذ كبدها، ويحثو المال حثواً ولا يعدّه عدّاً، وذلك حين يضرب الإسلام بجرانه»((1)).

وعن أبي سعيدٍ الخدري، قال: قال نبيّ الله (صلّي الله عليه وآله): «ينزل بأمّتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشدّ منه، حتَّي تضيق عنهم الأرض الرحبة، وحتَّي تملأ الأرض جوراً وظلماً، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم، فيبعث الله (عزّ وجلّ) رجلاً من عترتي، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يرضي عنه ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدَّخر الأرض من بذرها شيئاً إلاَّ أخرجته، ولا السماء من قطرها شيئاً إلاَّ

ص: 29


1- أمالي الطوسي: 512 و513/ ح (1121/28).

صبَّه الله عليهم مدراراً، يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع، تتمنّي الأحياء الأموات ممَّا صنع الله (عزّ وجلّ) بأهل الأرض من خيره»((1)).

فتلخَّص أنَّ مظاهر البلاء والظلم يتمثَّل في:

أ _ الفتن.

ب _ امتلاء الأرض بالظلم والجور والعدوان.

ج- _ الحرب والطاعون.

2 _ خروج الدجّال:

تظافرت الأخبار بحتمية ظهوره، ولقد حذَّر الأنبياء أجمعهم من فتنة الدجّال وإغرائه ودعواه الكاذبة التي تصد عن الحقّ وتلقي الناس في شرّ عظيم، ومن أبرز خصائصه يأتي الناس بالطعام لإغرائهم وصدّهم عن سبيل الله، وتسخير الكنوز له، واتّباع اليهود له، ويسخّر آفاق الأرض وهو آخر الأئمّة المضلّين وقائد الفئة المضلَّة، ويظهر من بعض الآثار أنَّ التحالف بين النواصب واليهود سيبلغ أوجه في زمن الإمام المهدي (عليه السلام) وتكون نهاية النواصب أن يرتدّوا عن الإسلام ويتبعوا الدجّال زعيم اليهود.

قال رسول الله (صلّي الله عليه وآله): «إنّي خاتم ألف نبيّ وأكثر، ما بعث نبيّ يُتَّبع إلاَّ قد حذَّر أمّته الدجّال، وإنّي قد بُيّن لي من أمره ما لم

ص: 30


1- مستدرك الحاكم 4: 465؛ كنز العمّال 14: 275/ ح 38708.

يُبيَّن لأحد، ... معه من كلّ لسان، ومعه صورة الجنّة خضراء يجري فيها الماء، وصورة النار سوداء تداخن»((1))((2)).

3 _ خروج السفياني:

والكلام هل أنَّه شخص، أم أسرة، أم فكرة؟ وهكذا الكلام في العلامة السابقة، وقد أسلفنا أنَّ الهدف المتوخّي من هذه العلامات الإشارة إلي التحذير في الوقوع في مدارس الضلال والانحراف ومدارس الازدواجية الفكرية والمدارس الالتقاطية. نعم، لا بأس بالتعرّض للحركات الممهّدة قبل الظهور والحركات المناوئة قبل الظهور وحين الظهور علي المستوي التنظيمي والشخصي.

4 _ الرايات السود التي تخرج من خراسان أو من المشرق:

عن رسول الله (صلّي الله عليه وآله)، قال: «إذا رأيتم الرايات السود قد

ص: 31


1- مسند أحمد 3: 79.
2- وقد اختلفت روايتنا عن رواية العامّة في شرح أحوال الدجّال، وقد ضخَّموه وجعلوا له قدرة خيالية وأسطورية، ووصف الدجّال بالمسيح وهو وصف لم يصرّح في مصادرنا، وإنَّما هو منقول عن اليهود لشدَّة عدائهم للمسيح، وقد رُوي في بعض كتب العامّة أنَّ الدجّال عربي وأنَّ المهدي لا يحقّق هدفه بل يُقتل علي يد الروم، وأنَّ الكعبة تُهدم ومكّة تُخرب وتنتهي الدنيا بعد الدجّال وتقوم القيامة، وفي كلّ هذا تأمّل واضح، فما ورد مقبولاً أنَّ ظهور المهدي (عليه السلام) مرحلة جديدة في حياة الناس علي الأرض، وأنَّ الحياة تستمرُّ في ظلّه إلي ما شاء الله حتَّي يوم القيامة، وخروج الدجّال إنَّما هو حدث في أوائل ظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، ونزول المسيح يتمُّ الانتصار عليه، ثمّ يكون بعده اثنا عشر مهدياً، ثمّ بحث الرجعة، ولا عودة للظلم إلي الأرض بعدها.

أقبلت من خراسان فائتوها ولو حبواً علي الثلج، فإنَّ فيها خليفة الله المهدي»((1)).

وعن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «تنزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلي الكوفة، فإذا ظهر المهدي (عليه السلام) بعث إليه بالبيعة»((2)).

5 _ نداء ملك السماء يبشّر بظهور الإمام ويدعو الناس إلي متابعته:

عن رسول الله (صلّي الله عليه وآله) قال: «يخرج المهدي وعلي رأسه ملك ينادي: هذا المهدي فاتَّبعوه»((3)).

6 _ كسوف الشمس والقمر قبل خروج المهدي (عليه السلام):

أكَّد الرسول الكريم (صلّي الله عليه وآله) أنَّ الشمس والقمر تنكسفان في شهر رمضان في غير ما جرت به العادة قبل خروج المهدي، ففي سنن الدارقطني: عن جابر، عن محمّد بن علي (عليه السلام)، قال: «إنَّ لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق السماوات والأرض، ينكسف القمر لأوّل ليلة من رمضان، وتنكسف الشمس في النصف منه، ولم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض»((4)).

7 _ علامات أخري يمكن مراجعتها في كتاب الإرشاد للشيخ المفيد (قدّس سرّه)، وغيره من المصادر.

ص: 32


1- بحار الأنوار 51: 82/ ح 37، عن كشف الغمّة 3: 272/ ح 26.
2- الغيبة للطوسي: 452/ ح 457.
3- بحار الأنوار 51: 81/ ح 37، عن كشف الغمّة 3: 270/ ح 17.
4- سنن الدارقطني 2: 51/ ح 1777.

ما بعد الظهور:

1 _ يملؤ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً:

عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، قال: قال رسول الله (صلّي الله عليه وآله): «لا تقوم الساعة حتَّي تملأ الأرض ظلماً وجوراً وعدواناً، ثمّ يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وعدواناً»((1)).

2 _ الدولة العالمية:

عن عبد الله بن عبّاس، قال: قال رسول الله (صلّي الله عليه وآله): «لمَّا عُرج بي إلي السماء السابعة، ومنها إلي سدرة المنتهي، ومن السدرة إلي حجب النور، ناداني ربّي (جلّ جلاله): يا محمّد أنت عبدي وأنا ربّك، فلي فاخضع، وإيّاي فاعبد، وعليَّ فتوكَّل، وبي فثق، فإنّي قد رضيت بك عبداً وحبيباً ورسولاً ونبيّاً، وبأخيك علي خليفةً وباباً، فهو حجَّتي علي عبادي، وإمام لخلقي، به يُعرف أوليائي من أعدائي، وبه يُميَّز حزب الشيطان من حزبي، وبه يقام ديني، وتحفظ حدودي، وتنفذ أحكامي، وبك وبه وبالأئمّة من ولده أرحم عبادي وإمائي، وبالقائم منكم اُعمّر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي، وبه اُطهّر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلي وكلمتي العليا، وبه اُحيي عبادي وبلادي بعلمي، وله أظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي، وإيّاه أظهر علي الأسرار والضمائر بإرادتي،

ص: 33


1- مستدرك الحاكم 4: 557.

وأمدّه بملائكتي لتؤيّده علي إنفاذ أمري، وإعلان ديني، ذلك وليّي حقّاً ومهدي عبادي صدقاً»((1)).

3 _ عهد الكفاية والرخاء المطلق:

عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)، عن النبيّ (صلّي الله عليه وآله)، قال: «تنعم أمّتي في زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قطّ، تُرسل السماء عليهم مدراراً، ولا تدع الأرض شيئاً من النبات إلاَّ أخرجته، والمال كدوس، يقوم الرجل يقول: يا مهدي أعطني، فيقول: خذ»((2)).

4 _ الله تعالي يظهر بالإمام المهدي دين الإسلام علي جميع الأديان:

عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) في قول الله (عزّ وجلّ): (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدي وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَي الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصفّ: 9]، فقال: «والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتَّي يخرج القائم (عليه السلام)، فإذا خرج القائم (عليه السلام) لم يبقَ كافر بالله العظيم ولا مشرك بالإمام إلاَّ كره خروجه، حتَّي أن لو كان كافراً أو مشركاً في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله»((3)).

5 _ سكّان الأرض والسماء يحبّون المهدي ويرضون منه:

عن حذيفة بن اليمان، عن النبيّ (صلّي الله عليه وآله) أنَّه قال: «المهدي من ولدي، وجهه كالقمر الدرّي، اللون لون عربي، والجسم جسم

ص: 34


1- أمالي الصدوق: 731/ ح (1002/4).
2- الملاحم والفتن لابن طاووس: 149/ ح 182، عن كتاب الفتن للمروزي: 223.
3- كمال الدين: 670/ باب 58/ ح 16.

إسرائيلي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، يرضي بخلافته أهل السماوات والأرض والطير في الجوّ، يملك عشرين سنة»((1)).

6 _ يلهم الله الإمام العلوم حتَّي العلوم الطبيعية، ويتَّصل أهل الأرض بأهل الكواكب الأخري، وتتطوَّر الحياة في عصره، ورؤية المؤمنين للملائكة، وإحياء الموتي، ويحيي الله الأرض، ويحثو المال للناس حثياً بدون عدّ، ويسع عدله والرخاء في عصره البرَّ والفاجر، وتحقّق الضمان الاجتماعي والاقتصادي، وتعميم الثقافة والعمران، وارتقاء الوضع الصحّي والروحي.

وتبقي هناك بحوث أخري، وهو عمر حكومة الإمام وخصوصياتها، وما بعد حكومة الإمام، وبحث الرجعة، وأصحاب الإمام، والخصوصيات الفكرية والذاتية لهم.

المناهج المعرفية في قراءة القضيّة المهدوية:

اشارة

ما من علم إلاَّ وله معايير معرفية ومناهج فكرية، وليس هناك معيار معرفي واحد في جميع الفنون. ولا تنفضّ الخصومة إلاَّ علي وفق المعيار والملاك المعرفي. ومن هنا يمكن تقسيم الفنون علي وفق المعايير، فالمعيار للعلوم الإنسانية غير المعيار للعلوم التجريبية، وغير المعيار للعلوم السمعية والنقلية والعقلية. وكذلك التحقيق وتحديد الموقف في آليته التنفيذية، فالعلم اللساني لا بدَّ له من التحقيق في بحث الصدوري والدلالي والجهتي.

ص: 35


1- العمدة لابن بطريق: 439/ ح 922.

وهل له معارض؟ وكيف يمكن فكّ التعارض؟ وما الغاية من العلم؟ وموسوعة الإمام المهدي هي منظومة فكرية تتَّكئ علي الرواية من الزاوية العقائدية، وعلي السجل التاريخي، وعلي المنهج الاستقرائي، وعلي مباني عقائدية مسبقة. وسنذكر فيما يلي نموذجين:

1 _ المنهج الروائي:

ونحيل القارئ إلي دراسة الباحث ثامر العميدي (دفاع عن الكافي)، ومن أهمّ الأمور التي تعرَّض إليها تحليل فكرة الاعتقاد بالمهدي، ومناقشة ابن خلدون، ونقله أكثر من ثمان وخمسين شهادة وتصريح بصحَّة أحاديث المهدي وتواترها، ثمّ مناقشته لمن أنكر الولادة، وإبرازه لأدلَّة واعترافات من أهل السُنّة بدءاً من القرن الرابع الهجري وحتَّي قرننا الحالي بولادة الإمام المهدي، ومناقشة لفرية السرداب. ونحيل أيضاً إلي دراسة عبد المحسن العباد (عقيدة أهل السُنّة والأثر في المهدي المنتظر) مجلَّة الجامعة الإسلاميّة/ العدد الثالث/ السنة الأولي.

2 _ المنهج العقلي:

(منهج السيّد محمّد باقر الصدر (قدّس سرّه))، ولم يعتمد المؤلّف تتبّع القضيّة في كتب التفسير والرواية أو المناقشة في الأسانيد، وإنَّما سلك مسلكاً آخر، فبدأ بطرح التساؤلات والإشكالات ممَّا قيل ويقال، ثمّ بدأ بالمناقشة بالدليل العقلي، وإليك معالم الدليل:

أ _ إعطاء تصوّر لفكرة المهدي في التراث الديني والإنساني والإسلامي، وليست مجرَّد فكرة وأمل يداعب الشعور

ص: 36

حتَّي يتخلَّص من التوتّر النفسي، وإنَّما المهدي إنسان معيَّن حيّ يعيش مع الناس ويشاركهم همومهم وآلامهم ويترقَّب مثلهم اليوم الموعود.

ب _ ثمّ يثير إثارات مصرّحة وجيهة، مقدّرة أو مضمرة لمشكلة العمر، وكيف ينزل مع القوانين الطبيعية التي تحتّم مروره بمرحلة الشيخوخة والهرم، ومهَّد للجواب من بيان أنواع الإمكان من العملي والعلمي والمنطقي، أو الفلسفي، ثمّ يقول: ماذا لو افترضنا أنَّ قانون الشيخوخة قانون صارم، وإطالة العمر خلاف القوانين الطبيعية التي دلَّنا عليها الاستقراء؟

وجوابه حينئذٍ: يكون المقام من قبيل المعجزة، وهي بمفهومها الديني أصبحت في ضوء المنطق العلمي الحديث مفهومة بدرجة أكبر ممَّا كانت عليه.

أهمّ شبهات المنكرين:

1 _ إنَّ الشيعة وقعوا في اضطراب بعد وفاة العسكري (عليه السلام) وتفرَّقوا إلي أربع عشرة فرقة في مسألة الإمام بعد وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، ولو كان أمر الإمام المهدي واضحاً لما جاز الاختلاف فيه.

2 _ الروايات التي تتحدَّث عن هويّة الإمام ضعيفة وموضوعة، سواء ما يتعلَّق باسم اُمّه، أم بتاريخ ولادته، أم بما لابس ولادته، أم بغيبته وسفرائه.

ص: 37

الجواب: وردّاً علي هذه الإشكالات نقول:

إنَّ وجود الغموض في تحديد هويّة الإمام لو صحَّ _ كما صوَّره الخصم وضخَّمه _ فهو دليل عليهم، لا لهم. إذ عدم تحديد الهويّة والإصرار علي بقاء الأمر سرّاً دليل علي وجود الإمام والخوف عليه من الأعداء لا علي عدم وجوده، فالأئمّة (عليهم السلام) كما وردت الروايات لم يريدوا الكشف عن التفاصيل. فممَّا روي عنهم (عليهم السلام):

عن زرارة بن أعين، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام) يقول: «إنَّ للغلام غيبة قبل أن يقوم»، قلت: ولِمَ ذاك؟ قال: «يخاف _ وأشار بيده إلي بطنه وعنقه _»، ثمّ قال: «وهو المنتظر الذي يشكُّ الناس في ولادته، فمنهم من يقول إذا مات أبوه: مات ولا عقب له، ومنهم من يقول: قد وُلِد قبل وفات أبيه بسنتين، لأنَّ الله (عزّ وجلّ) يجب أن يمتحن خلقه، فعند ذلك يرتاب المبطلون»((1)).

وقولهم بضعف الروايات واختلافها مردود بالروايات المتواترة عن الشيعة والسُنّة. ومن العجب ما قيل: إنَّ وجود الاختلاف والتفرّق يكون سبباً إلي نفي أصل فكرة الإمام الذي يستلزم أن تنكر الإسلام، بل من أهل السُنّة من اعترفوا بأنَّ الإمام الموعود هو محمّد بن الحسن العسكري (عليه السلام)، وأنَّه باقٍ إلي الآن، فمنهم:

1 _ محمّد بن طلحة الشافعي (ت 652ه-)، (مطالب السؤول/ الباب الثاني عشر).

ص: 38


1- بحار الأنوار 52: 95/ ح 10، عن كمال الدين: 342/ باب 33/ ح 24.

2 _ محمّد بن يوسف بن محمّد الكنجي الشافعي (ت 658ه-)، (البيان في أخبار صاحب الزمان/ الباب الأخير).

3 _ علي بن محمّد المشهور بابن الصبّاغ المالكي (ت 855ه-)، (الفصول المهمّة/ الفصل الثاني عشر).

4 _ سبط بن الجوزي (ت 654ه-)، (تذكرة الخواصّ/ في الفصل المعقود للإمام المهدي (عليه السلام)).

5 _ عبد الوهّاب الشعراني (ت 973ه-)، (اليواقيت والجواهر في عقائد الأكابر).

6 _ محيي الدين بن عربي (ت 638 ه-)، (الفتوحات المكّية/ الباب السادس والستّين وثلاثمائة).

7 _ صلاح الدين الصفدي (ت 764 ه-)، (شرح الدائرة).

8 _ محمّد بن علي بن طوطون (الأئمّة الاثنا عشر).

وغير هؤلاء، وكيفما كان فقد نجد في القرون الماضية وفي قرننا الحالي من أنكر وشكَّك فيه إمَّا تأثّراً بمناهج مادّية، أو بسبب عصبية مذهبية، أو لجهل ما أودع في الصحاح والمسانيد والسنن من مئات الروايات، أو عدم الإيمان بالغيب، أو لأجل الإساءة ونحو ذلك.

خصوصيات الإمام المهدي (عليه السلام):

1 _ إنَّ في رواياتنا أنَّ حكومة المهدي (عليه السلام) ستكون كحكومة داود (عليه السلام)، أي لا يأخذ بالقواعد والأحكام الظاهرية، وإنَّما يحكم طبق الواقع.

ص: 39

ففي الرواية عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: «إذا قام قائم آل محمّد عليه وعليهم السلام حكم بين الناس بحكم داود لا يحتاج إلي بيّنة، يلهمه الله تعالي فيحكم بعلمه، ويخبر كلّ قوم بما استبطنوه، ويعرف وليّه من عدوّه بالتوسّم، قال الله سبحانه وتعالي: (إِنَّ فِي ذلِكَ لآَياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) [الحجر: 75 و76]»((1)).

وعنه (عليه السلام)، قال: «إذا قام قائم آل محمّد (عليه السلام) حكم بحكم داود وسليمان، لا يسأل بيّنة»((2))((3)).

2 _ إنَّ أنصار المهدي وأعوانه هم اُسُد في النهار رهبان في الليل، لم يسبقهم الأوّلون ولا يدركهم الآخرون، أسماؤهم في الأرض مجهولة.

فعن حذيفة، قال: سمعت رسول الله (صلّي الله عليه وآله) يقول: «إذا كان عند خروج القائم ينادي منادٍ من السماء: أيّها الناس قطع عنكم مدَّة الجبّارين وولي الأمر خير أمّة محمّد فالحقوا بمكّة، فيخرج

ص: 40


1- الإرشاد 2: 386؛ بحار الأنوار 52: 339 و340/ ح 86 .
2- الكافي 1: 379/ باب في الأئمّة (عليهم السلام) أنَّهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود.../ ح 1.
3- وما يقال من أنَّ الإمام لماذا لم يحكم بحكم الإسلام وإنَّما يحكم بحكم داود وسليمان!؟ فمردود لأنَّ إثبات شيء لشيء لا يدلُّ نفيه عمَّا عداه، بل قد أكَّدنا سابقاً علي أنَّ الإمام يحكم بسُنّة الرسول ويجيء معالم الدين الإسلامي لا أنَّه يأتي بشريعة ودين جديد. وأمَّا لماذا لا يسأل عن البيّنة؟ فلأنَّ البيّنة أمارة شرعية تعبّدية ظاهرية عند انسداد باب معرفة الواقع، ومع تكامل العلوم وازدياد الشواهد والقرائن لا تصل النوبة إلي البيّنة، بل يمكن معرفة الواقع عن طرق علمية للتكامل العلمي وسعته كما كان عليه في زمن داود وسليمان (عليهما السلام).

النجباء من مصر، والأبدال من الشام، وعصائب العراق، رهبان بالليل ليوث بالنهار، كأنَّ قلوبهم زبر الحديد، فيبايعونه بين الركن والمقام...»((1)).

وروي الحاكم بإسناده عن محمّد بن الحنفية، قال: كنّا عند علي (رضي الله عنه) فسأله رجل عن المهدي، فقال علي (رضي الله عنه): «هيهاتَ»، ثمّ عقد بيده سبعاً، فقال: «ذاك يخرج في آخر الزمان، إذا قال الرجل: الله الله قتل، فيجمع الله تعالي له قوماً قزع((2)) كقزع السحاب، يؤلّف الله بين قلوبهم، لا يستوحشون إلي أحد((3))، ولا يفرحون بأحد، يدخل فيهم علي عدَّة أصحاب بدر، لم يسبقهم الأوّلون، ولا يدركهم الآخرون، وعلي عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر...»((4)).

وروي المدائني في كتاب (صفّين)، قال: خطب علي (عليه السلام) بعد انقضاء أمر النهروان، فذكر طرفاً من الملاحم، قال: «... فيا ابن حرّة((5)) الإماء، متي تنتظر! أبشر بنصر قريب من ربّ رحيم. ألا فويل للمتكبّرين، عند حصاد الحاصدين، وقتل الفاسقين. عصاة ذي العرش العظيم، فبأبي واُمّي من عِدَّة قليلة! أسماؤهم في

ص: 41


1- الاختصاص: 208؛ بحار الأنوار 52: 304/ ح 73.
2- القزع: قطع من السحاب رقيقة. (الصحاح 3: 1265/ مادّة قزع).
3- هكذا في المصدر، وفي بعض المصادر: (لا يستوحشون علي أحد).
4- مستدرك الحاكم 4: 554.
5- هكذا في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، وفي ينابيع المودَّة: (خيرة الإماء).

الأرض مجهولة، قد دان((1)) حينئذٍ ظهورهم، ولو شئت لأخبرتكم بما يأتي ويكون من حوادث دهركم ونوائب زمانكم، وبلايا أيّامكم، وغمرات ساعاتكم...»((2)).

والمستفاد: أنَّ أسماءهم مجهولة، فلا مجال لتطبيقهم علي مصاديق خارجية، ومن الانحراف المبادرة إلي عملية التطبيق. فهي كالتوقيت منهيٌّ عنها وإساءة لها.

3 _ الملائكة من أعوان المهدي وأنصاره أيضاً.

في حديث عن النبيّ (صلّي الله عليه وآله)، قال: «فلو لم يبقَ من الدنيا إلاَّ يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتَّي يأتيهم رجل من أهل بيتي، تكون الملائكة بين يديه ويظهر الإسلام»((3)).

وفي آخر: «المهدي يبايع بين الركن والمقام، ويخرج متوجّهاً إلي الشام وجبرئيل علي مقدمته، وميكائيل علي ساقته...»((4)).

4 _ الإمام يثبّت الواقع العالمي ويفكّك فساده بنفس الأدوات التي تؤمن بها المجتمعات.

5 _ الكوفة عاصمة له كجدّه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).

روي أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال لي: «يا أبا محمّد، كأنّي أري نزول القائم (عليه السلام) في مسجد السهلة بأهله وعياله»، قلت: يكون

ص: 42


1- هكذا في المصدرين، ويحتمل أنَّه تصحيف: (دنا).
2- راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6: 135؛ ينابيع المودَّة 3: 434/ ح 4.
3- تحفة الأشراف 9: 428/ ح 12810؛ العطر الوردي: 65 عن الترمذي، علي ما في معجم أحاديث المهدي 1: 156/ ح 84 .
4- العطر الوردي: 64، علي ما في معجم أحاديث المهدي 1: 504/ ح 345.

منزله جُعلت فداك؟ قال: «نعم، كان فيه منزل إدريس، وكان منزل إبراهيم خليل الرحمن، وما بعث الله نبيّاً إلاَّ وقد صلّي فيه، وفيه مسكن الخضر، والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول الله (صلّي الله عليه وآله)...»، إلي أن قال: «أنزيدك؟»، قلت: نعم، قال: «هو من البقاع التي أحبَّ الله أن يُدعي فيها، وما من يوم ولا ليلة إلاَّ والملائكة تزور هذا المسجد يعبدون الله فيه، أمَا إنّي لو كنت بالقرب منكم ما صلَّيت صلاةً إلاَّ فيه، يا أبا محمّد ولو لم يكن له من الفضل إلاَّ نزول الملائكة والأنبياء فيه لكان كثيراً، فكيف وهذا الفضل؟ وما لم أصف لك أكثر»، قلت: جُعلت فداك لا يزال القائم (عليه السلام) فيه أبداً؟ قال: «نعم»، قلت: فمن بعده؟ قال: «هكذا من بعده إلي انقضاء الخلق»((1)).

الإساءة إلي فكرة المهدي (عليه السلام):

فقد ورد عن علي بن عاصم، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله (صلّي الله عليه وآله): «لا تقوم الساعة حتَّي يخرج المهدي من ولدي، ولا يخرج المهدي حتَّي يخرج ستّون كذّاباً كلّهم يقول: أنا نبيّ»((2)).

وورد عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لا يخرج القائم حتَّي يخرج قبله اثنا عشر من بني هاشم، كلّهم يدعو إلي نفسه»((3)).

ص: 43


1- المزار لابن المشهدي: 134 و135/ ح 7.
2- الإرشاد 2: 371؛ إعلام الوري 2: 279.
3- الإرشاد 2: 372.

نعم، قد اُسيء للفكرة المهدوية علي مرّ التاريخ من أصحاب الهوي وعبّاد النفس، بين مدَّعي أنَّه المهدي، وبين مدَّعي النيابة والبابية، وبين الارتباط النسبي، وبين اللقاءات الخاصّة.

ولنا أن نصف هؤلاء أنَّهم مغفَّلون وضالّون في عصر الغيبة، فمنهم:

1 _ أحمد بن هلال الكرخي، كان من أصحاب الإمام العسكري (عليه السلام)، وبعد وفاته (عليه السلام) وتقليد محمّد بن عثمان النيابة عن الإمام المنتظر (عليه السلام) حسده علي ذلك، وقد خرج توقيع بلعنه((1)).

2 _ الحسن الشريعي، كان من أصحاب الإمامين الهادي والعسكري (عليهما السلام)، إلاَّ أنَّه ادَّعي لنفسه النيابة عن الإمام، ونسب إلي الأئمّة الطاهرين ما لا يليق بهم، ثمّ كفر، وخرج توقيع بلعنه((2)).

3 _ الحسن بن منصور الحلاَّج، ادَّعي النيابة عن الإمام المنتظر، وأخذ يراسل أعيان الشيعة بذلك، فراسل أبا سهل النوبختي، وأراد منه الانضمام إليه، ووعده بما يريد من المال، فقال النوبختي: إنّي رجل اُحبّ الجواري وأصبو إليهنَّ...، ولكن الشيب يبعدني عنهنَّ، وأحتاج أن أخضبه في كلّ جمعة، وأتحمَّل منه مشقة شديدة...، واُريد أن تعينني عن الخضاب وتكفيني مؤنته، وتجعل لحيتي سوداء، فبهت الحلاَّج وانتشرت قصَّته وصار اُضحوكة الجميع((3)).

ص: 44


1- راجع: الغيبة للطوسي: 399/ ح 374.
2- راجع: الغيبة للطوسي: 397/ ح 368.
3- راجع: الغيبة للطوسي: 401 و402/ ح 376.

4 _ محمّد بن عليّ الشلمغاني (ابن أبي العزاقر)، كان مستقيم الطريق، حمله الحسد فترك مذهبه واعتنق المذاهب الرديئة، وكان من مذهبه ترك العبادات كلّها وإباحة الفروج من ذوي الرحم، وأنَّه لا بدَّ للفاضل أن ينكح المفضول ليولج منه النور. وقد خرج التوقيع بالبراءة منه والتكفير((1)).

5 _ محمّد بن نصير النميري، من أصحاب العسكري (عليه السلام)، فلمَّا توفّي الإمام، ادَّعي أنَّه نائب الإمام. وفضحه أصحاب الإمام العسكري (عليه السلام)، بل فضحه الله بما ظهر منه من الإلحاد والجهل. وقد لعنه محمّد بن عثمان العمري وتبرَّأ منه واحتجب عنه، فبلغه ذلك فقصد محمّد بن عثمان ليعطف بقلبه عليه، أو يعتذر إليه فلم يأذن له وحجبه وردَّه خائباً، وكان يقول بالتناسخ، ويغلو في أبي الحسن (عليه السلام) ويقول له بالربوبية، ويقول بالإباحة بالمحارم وتحليل نكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم، ويزعم أنَّ ذلك من التواضع والتذلّل في المفعول به، وإنَّه من الفاعل إحدي الشهوات والطيّبات((2)).

6 _ أبو طاهر محمّد بن علي بن بلال، وقصَّته معروفة فيما جري بينه وبين أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري نضَّر الله وجهه، وتمسّكه بالأموال التي كانت عنده للإمام، وامتناعه من

ص: 45


1- راجع: الكني والألقاب 2: 366.
2- راجع: الغيبة للطوسي: 398 و399/ ح 369 - 373.

تسليمها، وادّعائه أنَّه الوكيل، حتَّي تبرَّأت الجماعة منه ولعنوه، وخرج فيه من صاحب الزمان (عليه السلام) ما هو معروف((1)).

7 _ أحمد بن أبي الحسين، وهو وارث النميري، لمَّا اعتلَّ محمّد بن نصير العلة التي توفّي فيها، قيل له وهو مثقل اللسان: لمن هذا الأمر من بعدك؟ فقال بلسان ضعيف ملجلج: أحمد، فلم يدروا من هو، فافترقوا بعده ثلاث فِرَق، قالت فرقة: إنَّه أحمد ابنه، وفرقة قالت: هو أحمد بن محمّد بن موسي بن الفرات، وفرقة قالت: إنَّه أحمد بن أبي الحسين بن بشر بن يزيد، فتفرَّقوا، فلا يرجعون إلي شيء((2)).

كما أنَّ هناك فِرَقاً أخري حتَّي قبل ولادة الإمام المهدي (عليه السلام)، منها:

1 _ الكيسانية: ادَّعت أنَّ محمّد بن الحنفية هو المهدي الغائب.

ينقل الشيخ الصدوق عن السيّد الحميري قوله: كنت أقول بالغلو، وأعتقد غيبة محمّد بن علي (ابن حنيفة)، قد ضللت في ذلك زماناً، فمَنَّ الله عليَّ بالصادق جعفر بن محمّد((3)).

2 _ المغيرية: ادَّعت أنَّ محمّد بن عبد الله بن الحسن هو المهدي الغائب((4)).

ص: 46


1- الغيبة للطوسي: 400.
2- راجع: الغيبة للطوسي: 399/ ح 373.
3- كمال الدين: 33.
4- راجع: الملل والنحل 1: 176.

3 _ الناووسية: ادَّعت أنَّ الصادق (عليه السلام) هو المهدي((1)).

4 _ الواقفية: ادَّعت أنَّ موسي بن جعفر (عليه السلام) هو المهدي((2)).

5 _ الباقرية: ادّعت أن الباقر هو المهدي.((3))

6 _ المحمّدية: ادَّعت أنَّ محمّد بن علي العسكري (عليه السلام)((4)) هو المهدي((5)).

7 _ الشمطية: وتدَّعي هذه الفرقة أنَّ أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) توفّي وكان الإمام بعده محمّد بن جعفر واعتلّوا في ذلك بحديث تعلَّقوا به، وهو أنَّ أبا عبد الله (عليه السلام) علي ما زعموا كان في داره جالساً فدخل عليه محمّد وهو صبي صغير فعدا إليه فكبا في قميصه ووقع لوجهه، فقام إليه أبو عبد الله (عليه السلام) فقبَّله ومسح التراب عن وجهه وضمَّه إلي صدره، وقال: سمعت أبي يقول: «إذا ولد لك ولد يشبهني فسمّه باسمي، وهذا الولد شبيهي وشبيه رسول الله (صلّي الله عليه وآله) وعلي سُنّته وشبيه علي (عليه السلام)»، وهذه الفرقة تسمّي الشمطية بنسبتها إلي رجل يقال له: يحيي بن أبي الشمط((6)).

8 _ المباركية: وهم فرقة من الإسماعيلية، قالوا بإمامة

ص: 47


1- راجع: الغيبة للطوسي: 21.
2- راجع: الغيبة للطوسي: 198.
3- راجع: الملل والنحل 1: 165.
4- أي محمّد بن الإمام الهادي (عليه السلام) المعروف ب- (سبع الدجيل).
5- راجع: الغيبة للطوسي: 198.
6- راجع: الفصول المختارة: 306.

محمّد بن إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، وهو الإمام القائم المهدي، وهو حيّ لم يمت((1)).

ويذكر لنا التاريخ من ادّعاها في الغيبة الكبري فنذكر علي سبيل المثال لا الحصر:

1 _ مهدي تهامة: ظهر في اليمن، واتَّبعه فريق من الأعراب واستطاع القضاء علي دولة الحمدانيين في صنعاء، وعلي دولة النجاحية وأعقبه حفيده عبد النبيّ((2)).

2 _ مؤسّس الدولة الفاطمية عبد الله ادَّعي أنَّه المهدي((3)).

3 _ مؤسس دولة الموحّدين محمّد بن تومرت ادَّعي أنَّه المهدي، وذلك في سنة (524 ه-)((4)).

4 _ ظهر في أيّام الدولة المرينية بفاس رجل يُدعي التويزدي واجتمع حوله رؤساء صنهاجة((5)).

5 _ قام رجل اسمه العبّاس (690 ه-) في نواحي الريف من المغرب((6)).

وهناك نماذج في عصورنا الحديثة أمثال:

1 _ مهدي السودان، حسني من جهة الأب، عبّاسي من

ص: 48


1- راجع: الفصول المختارة: 305.
2- راجع: حياة الإمام المهدي (عليه السلام): 143 و144.
3- راجع: البداية والنهاية 11: 203.
4- راجع: الكامل في التاريخ 10: 569.
5- راجع: عصر الظهور: 366.
6- المصدر السابق.

جهة الاُمّ. قصده أحد المنجّمين فخرَّ علي الأرض، فسُئل، فقال: نظرت أنوار المهدية علي وجهه، وقد أذاع أحد مشايخ السودان ظهور المهدي وعلامته أنَّه سوف يشيّد قبّة علي ضريحي ويختن أولادي، وبعد وفاته قام المهدي بكلا الأمرين، وكانت بداية الدعوة (1881م)، وقام بالدعوة تلامذته الذين كان يغدق عليهم المال، ممَّا سبَّب تهالكهم للدعوة إليه، وقال في رسالة له:

من العبد المفتقر إلي الله محمّد المهدي بن عبد الله إلي أحبّائه المؤمنين بالله وبكتابه.

أمَّا بعد، فلا يخفي تغيّر الزمن وترك السنن، ولا يرضي بذلك ذوو الإيمان والفطن، بل أحقّ أن يترك لذلك الأوطار والوطن لإقامة الدين والسنن، ولا يتواني عن ذلك عاقل، لأنَّ غيرة الإسلام للمؤمن تجبره..، ثمّ أحبّائي كما أراد الله في أزله وقضائه، تفضَّل علي عبده الحقير الذليل بالخلافة الكبري من الله ورسوله، وأخبرني سيّد الوجود (صلّي الله عليه وسلم) بأنّي المهدي المنتظر...، ثمّ أخبرني سيّد الوجود (صلّي الله عليه وسلم) بأنَّ الله جعل لي علي المهدية علامة وهي الخال علي خدّي الأيمن، وكذلك جعل لي علامة أخري: تخرج راية من نور وتكون معي في حالة الحرب يحملها عزرائيل (عليه السلام)...، وجاء في الأثر: إذا رأيتم العالم يحبّ الدنيا فاتَّهموه علي دينكم. وجاء في بعض كتبه القديمة: لا تسأل عنّي عالماً أسكره حبّ الدنيا فيصدّك عن طريق محبَّتي، فأولئك قطّاع الطريق علي عبادي، ولمَّا حصل لي يا أحبابي من الله ورسوله أمر الخلافة الكبري أمرني سيّد الوجود (صلّي الله عليه وسلم) بالهجرة إلي ماسة بجبل قدير، وأمرني أن اُكاتب بها جميع

ص: 49

المكلَّفين أمراً عامّاً، فكاتبنا بذلك الأمراء ومشايخ الدين، فأنكر الأشقياء، وصدَّق الصدّيقون...، وقد أخبرني سيّد الوجود (صلّي الله عليه وسلم) بأنَّ من شكَّ في مهديتك فقد كفر بالله ورسوله...، وأنا خالٍ من الموانع الشرعية، لا بنوم، ولا جذب، ولا سكر، ولا جنونٌ، بل متَّصف بصفات العقل، أقفوا أثر رسول الله (صلّي الله عليه وسلم).

وخاض معارك فاز فيها وانقادت السودان كلّها للمهدي، وأظهر عداءه للانكليز.

2 _ مهدي السنغال: في سنة (1828م) ظهر في السنغال رجل ادَّعي أنَّه المهدي المنتظر، ورفع راية الثورة علي الحكم القائم، إلاَّ أنَّه فشل وقتل.

3 _ مهدي السوس (إحدي قري مدن المغرب العربي): وتبعه كثيرون من الغوغاء، وقبل أن يتمَّ دعوته وينشر مبادئه وأهدافه قتل غيلة.

4 _ مهدي الصومال: ادَّعي محمّد بن عبد الله أنَّه الإمام المنتظر وذلك في سنة (1899م)، وكان له نفوذ واسع في قبيلته (أوجادين)، وقد حارب البريطانيين والإيطاليين والأحباش ما يقارب (20) عاماً حتَّي توفي سنة (1920م)((1)).

5 _ ثورة عراج بمصر: ظهر رجل في السودان اسمه جاسم محمّد أحمد سنة (1300ه-) ادَّعي أنَّه المهدي.

ص: 50


1- راجع: حياة الإمام المهدي (عليه السلام): 139 - 144.

6 _ القاديانية: كان القادياني مضطرب الأفكار مبتلي بأنواع من الأمراض والأسقام، كما كان يعاني الكثير من المشاكل الاقتصادية، وكان مثل هذا الرجل صالحاً لأن يقع فريسة في أيدي الانكليز، وقد تظاهر الرجل في أوّل أمره بالدفاع عن الإسلام، وحاز ثقة كثير من العامّة والخاصّة، ولكنَّه لم يلبث أن أعلن عام (1885م) أنَّه مجدّد للإسلام، وفي سنة (1891م) ادَّعي أنَّه المهدي الموعود، وقد ألَّف عدَّة كتب سمّي نفسه فيها مهدياً (حقيقة المهدي، لوح المهدي)، ولما مات ألَّف ابنه بشير أحمد سيرة أبيه وسمّاه سيرة المهدي، وكذلك ألَّف أحد أتباعه (محمّد حسين القادياني) كتاب المهدي، وقد تنبَّأ هذا المسكين تنبّؤات لا تعدُّ ولا تحصي وادَّعي المباهلة((1)).

وأخيراً من الصعب جدّاً إحصاء عدد الذين ادَّعوا المهدوية في التاريخ الإسلامي. ولكن كثيراً منهم لم يحالفهم الحظّ فانتهت دعوتهم عليهم أو علي بعض الأتباع الخاملين، ولم تحصل لهم قوَّة ولا شوكة فبقيت أمانيّهم وأحلامهم مدفونة في صدورهم، ولذلك لم ينعكس في التاريخ، فمنها:

البابية: التي ظهرت في كربلاء (1253ه-) من قبل محمّد علي باب بن ميرزا رضا البزّاز الشيرازي. فإنَّ محمّداً كان فتي جاهلاً لم يكن يعرف من العلم شيئاً ولا يفقه ماذا يقول، ولكنَّه

ص: 51


1- راجع: المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة لعبد العليم البستوي: 112.

كان ميّالاً إلي الغلوّ في الزهد والعبادة، فاستغلَّه الملاَّ حسن البشروئي أحد تلاميذ كاظم الرشتي. وكان هذا البشروئي علي اتّصال وثيق مع أحد الجواسيس الروسيين في السفارة الروسية في إيران ويسمّي كنيازد الكوركي، وكان البشروئي يواصل الاجتماع مع هذا الشاب المغترّ وأصبح يوحي إليه أنَّه سيكون له شأن وأنَّ ظهور المهدي المنتظر قد دني أجله، حتَّي أعلن علي محمّد الشيرازي (1260ه-) أنَّه باب المهدي المنتظر. وكان في الخامسة والعشرين من عمره، ونصَّب البشروئي نفسه باباً للباب. ولم تمض مدَّة طويلة حتَّي سوَّل له البشروئي أن يعلن بأنَّه هو المهدي المنتظر. ثمّ سجن الباب في ماكو((1))، واجتمع جماعته في الصحراء وقرَّروا فيه نسخ دين الإسلام وشيوع المرأة والمال وإلغاء التكليف. وعرضت قراراتهم علي الباب في سجنه فوافقهم.

وبعد موته انقسم البابيون إلي فريقين:

1 _ أتباع يحيي علي المازندراني الملقَّب ب- (صبح أزل).

2 _ آخرون اتَّبعوا حسين علي الملقَّب ببهاء الدين الذي بسببه نشأت البهائية((2)).

ومنها: حركة محمّد بن عبد الله القرشي حيث سيطر أنصاره علي الحرم المكّي، وأذاع معاونه جهيمان من داخله بياناً

ص: 52


1- وهي مدينة في أذربيجان.
2- راجع: المهدي المنتظر في ضوء الأحاديث والآثار الصحيحة لعبد العليم البستوي: 109 - 111.

دعا فيه المسلمين إلي بيعة القرشي، وقد استمرَّ احتلالهم للحرم أيّاماً ولم تستطع الحكومة السعودية أن تتغلَّب عليهم إلاَّ بعد أن استدعت فرقة كوماندوز خاصّة من فرنسا((1)).

وغيرهم ممَّا لا يتَّسع البحث لذكرهم...

وهناك ضالّون مدَّعون أنَّهم المهدي (كما في قضيّة عمر بن عبد العزيز)، أو مدَّعون أنَّهم هم النفس الزكية، أو مدَّعون كونهم اليماني، أو أصحاب الرايات السود.

فإنَّ كلّ هذه العناوين حقّة. إنَّما التحفّظ في تطبيقها علي أزمنة خاصّة، أو أفراد معيَّنين. والتاريخ شاهد صدقٍ علي الإساءة في عالم التطبيق.

مناشئ الادّعاءات الباطلة:

تنشأ هذه الظواهر المغرضة إمَّا في المجتمع المفلس والمضطهد من نير الظلم والفقر والاضطهاد والاحتلال، وعدم وجود الملجأ والمأوي. هذا من جهة، ومن جهة أخري القائد يريد لنفسه المشروعية وكثرة النصرة وتسكين ما سيحلُّ عليهم من أضرار المواجهة، فيتوسَّل بمثل هذه الدعاوي. لأنَّ هذه الدعاوي بشكل عامّ تجرُّ نفعاً لأصحابها، فتكون الدعاوي دكّاناً للتكسّب وتحصيل الوجاهة، سيّما إذا كان أصحابها نكرات أو أصحاب أمراض نفسية، وإمَّا أنَّ هذه الدعاوي حركات مسيَّسة

ص: 53


1- راجع: عصر الظهور: 13.

يدفعها الحبر السحري. فالساسة يختلقون هذه الحركات لشغل المسلمين بينهم ولتمزيق صفّ الأمّة، وإمَّا لتحصيل الورقة الخضراء للتسويغ في ارتكاب المعاصي والمحرَّمات، وكيفما كان فإنَّ أدلَّة هذه الدعاوي تتراوح بين:

1 _ الاستعانة بالتراث غير الثابت والأدلَّة الواهية.

2 _ أو الاعتماد علي بعض العلامات العامّة المذكورة في الروايات والسعي إلي تطبيقها، كما مرَّ علينا في دعوي مهدي السودان.

3 _ أو التعويل علي العلوم الغريبة والمبهمات والفنون الشاذّة المحرَّمة بنظر الشرع.

4 _ أو محاربة العلماء وطريقتهم، والاستعانة بالطرق الروحية الصوفية الهندوسية.

5 _ أو إقامة الأدلَّة السطحية التي تنطلي علي جمع من البشر، إذ ما من مدَّع إلاَّ وله أدلَّة، لاسيّما أدلَّة الكشف والشهود والمنامات والإلهامات. وتكون تلك الأدلَّة قريبة (بالنظر الأولي غير الفاحص) إلي أدلَّة الأنبياء والأوصياء. ومن هنا يقيسون أدلَّتهم علي أدلَّة الأنبياء والأوصياء، وأنَّ الطعن في أدلَّتهم طعن في أدلَّة الأنبياء والأوصياء، لكن بالنظر الفاحص والرجوع إلي المتخصّص يظهر البون الشاسع بين الدليلين، وعليه لا بدَّ من مواكبة المتخصّص والتعويل عليه للتشخيص والتطبيق في كلّ خطوات الدليل.

ص: 54

ألم يدَّع الربوبية؟ ألم يقم الدليل علي ذلك؟ ألم يكن هناك أنصار لها؟ فإنَّ الهمج الرعاء ينعقون مع كلّ ناعق، ألم يسجّل التاريخ آلاف الدعاوي الفاسدة والمذاهب الضالّة؟ فليس بغريب دعوي المهدوية أو البابية أو المهديون أو نحو ذلك. وإنَّ الموجب لتلك الدعاوي هو الموجب لهذه الدعاوي، وإنَّ المعالج لتلك الدعاوي هو المعالج لمثل هذه الدعاوي.

نتائج البحث:

1 _ لا شكَّ في وجود الدعاوي الباطلة والواهية. وهي ليست بقليلة وصدرت في مختلف الأماكن والأزمان، ولم يمرّ زمن إلاَّ وفيه دعاوي باطلة. وليست ظاهرة الانحراف مستحدثة، بل هي موجودة علي مرّ الأزمان، كما أنَّه لا شكَّ في أنَّ أصحاب هذه الدعاوي لكسب المقبولية يتشبَّثون بالأدلَّة والاستعانة بظاهرة الترغيب والترهيب. وقد عالج أهل البيت (عليهم السلام) هذا الانحراف بإرجاع الأمّة والقواعد الجماهيرية إلي العلماء الرواة.

وبكلمة إنَّ الذين أوصلوا لنا روايات أهل البيت (عليهم السلام) في ظاهرة الإمام المهدي هم الذين حدَّثونا عن معالجات فترة الغيبة الكبري، وهم الذين قالوا: (الحقّ عندنا أنَّ كلّ من ادَّعي بعد السمري البابية فهو ضالّ كافر)، وهذا هو قول جعفر بن محمّد بن قولويه)((1))، وغيرهم.

ص: 55


1- منتهي المقال 7: 489.

وهم الذين نقلوا لنا رواية: من ادَّعي الرؤية في زمن الغيبة الكبري فلا تصدّقوه»، وورد: «ألاَ فمن ادَّعي المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر»((1)).

وحينئذٍ كيف يمكن الجمع بين هذه الرواية وبين ما هو المسجَّل في أسفار القوم من التشرّف برؤية الإمام.

الجمع الأوّل: إنَّ المقصود من الرؤية مع السفارة والنيابة، أي من ادَّعي الرؤيا علي سبيل النيابة الخاصّة فلا تصدّقوه، لأنَّ المفروض أنَّه في زمن الغيبة الكبري لا توجد نيابة شخصية، نعم الثابت النيابة العامّة لقوله (عليه السلام): «وأمَّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلي رواة حديثنا فإنَّهم حجَّتي عليكم وأنا حجّة الله عليهم»((2)).

الجمع الثاني: إنَّ المقصود بالرؤية التي يراد منها ترتيب آثار معيَّنة علي قول الرائي، لأنَّ هذا أمر مشكل، وهو أن يأتي إنسان فيقول: رأيت الإمام (عليه السلام) وقال لي: كذا. فإنّا إذا فتحنا الباب أمام هذا المعني يعني أن نصدّق كلّ من يدَّعي الرؤية. فإنَّ ذلك يولّد إرباكاً كبيراً في العقائد وفي الأحكام، ومن هنا ذكر العرفاء أنَّ مدَّعي المكاشفة لا يصدَّق، بل كما أنَّ العلوم الحصولية بحاجة إلي ميزان لصحَّتها، كذلك العلوم الحضورية لا بدَّ لها من ميزان علي صحَّتها. وهكذا الكلام في مدَّعي الرؤية وإلاَّ لزم التناقض. فإنَّ مدَّعي الرؤية يدَّعون أحياناً التكاذب والتكفير والقتل.

فالمتحصّل أنَّ المقصود من النائب في زماننا هو عبارة عن

ص: 56


1- كمال الدين: 516/ باب 45/ ح 43.
2- كمال الدين: 484/ باب 45/ ح 4.

الفقيه العادل الجامع للشرائط الذي يقوم مقام الإمام (عليه السلام) في تبليغ أحكام الدين، وفي إدارة شؤون المسلمين وحفظ بيضة الإسلام، ولا يحقُّ للنائب أن ينقل عن الإمام مباشرة. ولا يوجد عندنا نائب اليوم من النوّاب ينقل مباشرة عن الإمام، وإنَّما نري علماءنا من بداية عصر الغيبة إلي يومنا يدَّعون الإجماع والاتّفاق علي نفي النيابة الخاصّة في عصر الغيبة الكبري.

هذا هو المستفاد من الروايات حسب الرؤية المذهبية وما سوي ذلك لم يثبت أنَّه من المذهب.

* * *

ص: 57

مصادر التحقيق

القرآن الكريم.

الاحتجاج: الطبرسي/ دار النعمان/ 1386ه- .

الاختصاص: الشيخ المفيد/ ط 2/ 1414ه-/ دار المفيد/ بيروت.

الإرشاد: الشيخ المفيد/ ط 2/ 1414ه-/ دار المفيد/ بيروت.

الإرشاد: الشيخ المفيد/ ط 2/ 1414ه-/ دار المفيد/ بيروت.

إعلام الوري: الطبرسي/ ط1/ 1417ه-/ مؤسسة آل البيت/ قم.

الأمالي: الشيخ الصدوق/ ط1/ 1417ه-/ مؤسسة البعثة.

الأمالي: الشيخ الطوسي/ ط 1/ 1414ه-/ دار الثقافة/ قم.

الإمامة والتبصرة: ابن بابويه/ ط1/ 1404ه-/ مدرسة الإمام الهادي.

بحار الأنوار: المجلسي/ ط 2/ 1403ه-/ مؤسسة الوفاء/ بيروت.

البداية والنهاية: ابن كثير/ ط 1/ 1408ه-/ دار إحياء التراث العربي.

بصائر الدرجات: الصفّار/ 1404ه-/ منشورات الأعلمي/ طهران.

تاريخ بغداد: الخطيب البغدادي/ ط1/ 1417ه-/ دار الكتب العلمية.

تاريخ مدينة دمشق: ابن عساكر/ 1415ه-/ دار الفكر/ بيروت.

تاريخ مواليد الأئمّة: ابن الخشّاب البغدادي/ 1406ه-/ مكتبة المرعشي.

تحف العقول: الحرّاني/ ط 2/ 1404ه-/ مؤسسة النشر الإسلامي/ قم.

ص: 58

تفسير مجمع البيان: الطبرسي/ ط 1/ 1415ه-/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت.

الجامع الصغير: السيوطي/ ط1/ 1401ه-/ دار الفكر/ بيروت.

حياة الإمام المهدي: الشيخ القرشي/ ط1/ 1417ه-/ مط أمير.

الخصال: الشيخ الصدوق/ 1403ه-/ جماعة المدرسين/ قم.

الدرّ المنثور: السيوطي/ دار المعرفة/ بيروت.

دلائل الإمامة: الطبري (الشيعي)/ ط1/ 1413ه-/ مؤسسة البعثة.

سنن ابن ماجة: ابن ماجة القزويني/ دار الفكر/ بيروت.

سنن أبي داود: ابن الأشعث السجستاني/ ط1/ 1410ه-/ دار الفكر.

سنن الترمذي: الترمذي/ ط2/ 1403ه-/ دار الفكر/ بيروت.

سنن الدارقطني: الدارقطني/ ط1/ 1417ه-/ دار الكتب العلمية.

السنن الكبري: البيهقي/ دار الفكر/ بيروت.

شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد/ ت محمّد أبو الفضل إبراهيم/ ط1/ 1378ه-/ دار إحياء الكتب العربية/ بيروت.

الصحاح : الجوهري/ ط4/ 1407ه-/ دار العلم للملايين/ بيروت.

صحيح ابن حبان: ابن حبان/ ط 2/ 1414ه-/ مؤسسة الرسالة.

صحيح البخاري: البخاري/ 1401ه-/ دار الفكر/ بيروت.

صحيح مسلم: مسلم النيسابوري/ دار الفكر/ بيروت.

الصراط المستقيم: علي بن يونس العاملي/ ط1/ 1384ه-/ مط الحيدري.

الصواعق المحرقة: ابن حجر الهيتمي/ ط1/ 1997م/ مؤسسة الرسالة.

العمدة: ابن البطريق/ 1407ه-/ مؤسسة النشر الإسلامي/ قم.

عيون أخبار الرضا: الشيخ الصدوق/ 1404ه-/ مؤسسة الأعلمي/ بيروت.

ص: 59

الغيبة: الطوسي/ ط1/ 1411ه-/ مؤسسة المعارف الإسلاميّة/ قم.

الغيبة: النعماني/ ط1/ 1422ه-/ مط مهر/ أنوار الهدي.

الفتن: نعيم بن حماد المروزي/ 1414ه-/ دار الفكر/ بيروت.

الفصول المختارة: الشيخ المفيد/ ط2/ 1414ه-/ دار المفيد/ بيروت.

فضائل الصحابة: النسائي/ دار الكتب العلمية/ بيروت.

قرب الإسناد: الحميري/ ط1/ 1413ه-/ مط مهر/ مؤسسة آل البيت/ قم.

الكافي: الشيخ الكليني/ ط5/ 1363ش/ دار الكتب الإسلاميّة/ طهران.

الكامل في التاريخ: ابن الأثير/ 1386ه-/ دار الصادر/ بيروت.

كشف الغمّة: ابن أبي الفتح الأربلي/ ط2/ 1405ه-/ دار الأضواء/ بيروت.

كمال الدين: الشيخ الصدوق/ 1405ه-/ مؤسسة النشر الإسلامي/ قم.

كنز العمّال: المتّقي الهندي/ 1409ه-/ مؤسسة الرسالة/ بيروت.

الكني والألقاب: الشيخ عبّاس القمي/ مكتبة الصدر/ طهران.

المحاسن: البرقي/ 1370ه-/ دار الكتب الإسلاميّة/ طهران.

المزار: ابن المشهدي/ ط1/ 1419ه-/ نشر القيّوم/ قم.

المزار: الشيخ المفيد/ ط2/ 1414ه-/ دار المفيد/ بيروت.

المستدرك: الحاكم النيسابوري/ إشراف يوسف عبد الرحمن المرعشلي.

مسند أبي داود: سليمان بن داود الطيالسي/ دار المعرفة/ بيروت.

مسند أبي يعلي: أبو يعلي الموصلي/ دار المأمون للتراث.

مسند أحمد: أحمد بن حنبل/ دار الصادر/ بيروت.

معجم أحاديث الإمام المهدي: علي الكوراني/ ط1/ 1411ه-/ مؤسسة المعارف الإسلاميّة/ قم.

ص: 60

المعجم الأوسط: الطبراني/ 1415ه-/ دار الحرمين.

المعجم الكبير: الطبراني/ ت حمدي عبد المجيد السلفي/ ط2 مزيَّدة ومنقَّحة/ دار إحياء التراث العربي.

الملاحم والفتن: ابن طاووس/ ط1/ 1416/ مؤسسة صاحب الأمر/ أصفهان.

الملل والنحل: الشهرستاني/ دار المعرفة/ بيروت.

منتخب الأنوار المضيئة: بهاء الدين النجفي/ ط1/ 1420ه-/ مط اعتماد/ مؤسسة الإمام الهادي.

منهاج السُنّة النبوية: ابن تيمية/ ت محمّد رشاد سالم ط1/ مؤسسة قرطبة.

ينابيع المودّة: القندوزي/ ت علي جمال أشرف الحسيني/ ط1/ 1416ه-/ دار الأسوة.

* * *

ص: 61

فهرست الموضوعات

مقدّمة المؤلّف-----3

الضرورة التكوينية لحكم الصالحين-----4

الإمكان والولادة والحياة-----7

فائدة الإمام مع الغيبة-----14

مقامه (عليه السلام)-----16

الإمامة في السنّ المبكر-----20

الغيبتان وخصائصهما-----20

الغيبة من أسرار الله (عزّ وجلّ)-----23

خصائص الغيبة الصغري-----24

خصائص الغيبة الكبري-----25

حقيقة الغيبة-----26

علامات الظهور-----28

ما بعد الظهور-----33

المناهج المعرفية في قراءة القضيّة المهدوية-----35

1 _ المنهج الروائي-----36

2 _ المنهج العقلي-----36

ص: 62

أهمّ شبهات المنكرين-----37

خصوصيات الإمام المهدي (عليه السلام)-----39

الإساءة إلي فكرة المهدي (عليه السلام)-----43

مناشئ الادّعاءات الباطلة-----53

نتائج البحث-----55

مصادر التحقيق-----58

فهرست الموضوعات-----62

* * *

ص: 63

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.